415
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

السادس: (أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْحَسَنِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ)۱ ؛ نسبةً إلى جهينة ـ بضمّ الجيم وفتح الهاء ـ : قبيلة. ۲(قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَوَ لَمْ يَرَ الْاءِنسَـنُ أَنَّا خَلَقْنَـهُ مِن قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئا). في سورة مريم:«أَوَلَا يَذْكُرُ الْاءِنسَانُ»۳؛ فهذا نقل بالمعنى، أو قراءة غير مشهورة.
(فَقَالَ:۴لَا مُقَدَّرا وَلَا مُكَوَّنا)
. ظاهر تقديم نفي التقدير على نفي التكوين أنّ المراد بالتقدير ما هو حين تمام أعضائه وشقّ سمعه وبصره ونحو ذلك ممّا هو قُبَيْلَ نفخ الروح فيه، وأنّ المراد بالتكوين جعله في قرارٍ مكين حين كونه نطفة.
(قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ :«هَلْ أَتَى عَلَى الْاءِنسَـنِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئا مَّذْكُورًا»۵فَقَالَ: كَانَ مُقَدَّرا غَيْرَ مَذْكُورٍ) . يعني أنّ النفي راجع إلى القيد، والاستفهام للتقرير، فيرجع إلى معنى «قد».
والمراد بالمذكور الذي ينسب إليه فعل، فكونه مذكورا إنّما هو بعد نفخ الروح فيه، وظهور حركاته في الرحم لاُمّه.
دلالة هذا الحديث على البداء باعتبار دلالته على أنّ بالنسبة إليه تعالى حالاً وماضيا ومستقبلاً، ودلالته على صدور خلق الإنسان عنه بعد أن لم يكن شيئا بتكوينه ثمّ تقديره ثمّ جعله مذكورا بنفخ الروح فيه مترتّبا باعتبار الصدور عنه تعالى.

1.هو مالك بن أعين الجهني ، ترجمته في نقد الرجال ، ج ۴ ، ص ۷۹ ، الرقم ۴۳۱۵ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ۱۵ ، ص ۱۶۱ ، الرقم ۹۸۱۶ .

2.مجمع البحرين ، ج ۱ ، ص ۵۷۱ .

3.مريم (۱۹) : ۶۷ .

4.في الكافي المطبوع : «قال : فقال» .

5.الإنسان (۷۶): ۱.


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
414

من «كتاب الإيمان والكفر». وذلك لأنّ الوجوب بالنسبة إلى العلم والتدبير وجوب لاحق، لا سابق؛ فهذا يدلّ على تجدّد الحوادث باعتبار صدوره عنه مع قدرته، وإلّا لم يكن قادرا على تغيير الترتيب.
وفي بعض النسخ «من يشاء» بدل «ما يشاء» في الموضعين، وهو كقوله تعالى: «تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ»۱
. وينبغي إرجاعه في هذا المقام إلى ما يناسب ما ذكرنا.
إن قلت: يجيء في «كتاب الحجّة» في الثالث والعشرين من «مولد النبيّ صلى الله عليه و آله » من أبواب التاريخ: «أنّ عبد المطّلب أوّل من قال بالبداء». ۲
قلت: لعلّ المراد أنّه أوّل من استعمل هذه اللفظة في غير معناها اللغوي، أي في اللّه تعالى؛ أو أوّل من عرفه بدون توقيف.
الخامس: (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) في سورة الأنعام:
(«قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ»۳؟ قَالَ : هُمَا أَجَلَانِ: أَجَلٌ مَحْتُومٌ، وَأَجَلٌ مَوْقُوفٌ) . الأجل: عمر الإنسان ونحوه.
والمراد أنّ الأوّل محتوم؛ لأنّه قضى، وإذا قضى اللّه شيئا أمضاه، فلم يبق له تعالى فيه البداء وصار مبرما، كما يجيء في آخر الباب وذلك لأنّه لمن مضى، والقدرة على ما مضى غير معقول.
والثانيَ موقوف؛ لأنّه لمن بقي ولمن يأتي. والمراد بالموقوف ما لم يُقض بعدُ، ولكنّه مسمّى، أي معيّن في علم اللّه أنّه سيقع، وما لم يقع بعدُ لم يخرج عن القدرة. و«مسمّى» وصفٌ للمبتدأ النكرة، والظرف خبر، أو خبرٌ والظرف متعلّق به.
والمقصود أنّ الفرق بين الأجلين بذلك يدلّ على البداء، وإلّا فكلّ من الأجلين محتوم.

1.آل عمران (۳) : ۲۶ .

2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۴۴۷ ، ح ۲۳ .

3.الأنعام (۶) : ۲ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 72184
صفحه از 584
پرینت  ارسال به