الثامن: (وَبِهذَا الْاءِسْنَادِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنِ الْفُضَيْلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: مِنَ الْأُمُورِ أُمُورٌ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَ اللّهِ) أي لم يطلع عليها أحدا من خلقه.
(يُقَدِّمُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ) أي إن شاء قدّم المؤخّر باعتقاد غيره.
(وَيُؤَخِّرُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ) أي إن شاء أخّر المقدّم باعتقاد غيره. والمعنى أنّه لا يقبح منه تعالى ذلك التقديم والتأخير.
ودلالة الحديث على البداء كما مرّ في سابع الباب.
ويحتمل أن يكون المراد بالموقوفة ما لم يقع بعدُ، وبمقابلها الواقعةَ المقضيّة. ودلالة الحديث على البداء حينئذٍ كما مرّ في خامس الباب.
التاسع: (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ،۱
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: إِنَّ لِلّهِ عِلْمَيْنِ) أي قسمين من العلم:
(عِلْمٌ مَكْنُونٌ مَخْزُونٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَا هُوَ) ، كالعلم بسرّ اللّه تعالى في القدر، فإنّه وردت روايات كثيرة بأنّ القدر سرٌّ من سرّ اللّه لا يطّلع عليه إلّا اللّه الواحد الفرد. ۲(مِنْ ذلِكَ يَكُونُ الْبَدَاءُ) . «من» سببيّة، يعني تجدّدُ الفعل بعد الفعل من اللّه بقدرته وتدبيره بعد ما لم يعلمه أحد غيره، ليس مستندا إلّا إلى ذلك العلم.
(وَعِلْمٌ عَلَّمَهُ مَلَائِكَتَهُ وَرُسُلَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ، فَنَحْنُ نَعْلَمُهُ) . يعني لا يكون بداؤه تعالى مستندا إلى هذا القسم من العلم.
وكأنّ هذا إشارة إلى أنّه يمكن أن يعتقد الملائكة والرُّسل والأنبياء والأوصياء بدون توقيفٍ أنّه سيقع كذا ولا يقع، ويجوز أن يخبروا بوقوعه بدون الاستناد إلى التوقيف بحيث لا يلزم منه القول على اللّه بغير علم، كالخبر بمجيء زيد من السفر غدا ولا يقع أي لا يقضي اللّه تعالى وقوعه في الغد.