417
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

الثامن: (وَبِهذَا الْاءِسْنَادِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنِ الْفُضَيْلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: مِنَ الْأُمُورِ أُمُورٌ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَ اللّهِ) أي لم يطلع عليها أحدا من خلقه.
(يُقَدِّمُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ) أي إن شاء قدّم المؤخّر باعتقاد غيره.
(وَيُؤَخِّرُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ) أي إن شاء أخّر المقدّم باعتقاد غيره. والمعنى أنّه لا يقبح منه تعالى ذلك التقديم والتأخير.
ودلالة الحديث على البداء كما مرّ في سابع الباب.
ويحتمل أن يكون المراد بالموقوفة ما لم يقع بعدُ، وبمقابلها الواقعةَ المقضيّة. ودلالة الحديث على البداء حينئذٍ كما مرّ في خامس الباب.
التاسع: (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ،۱
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: إِنَّ لِلّهِ عِلْمَيْنِ)
أي قسمين من العلم:
(عِلْمٌ مَكْنُونٌ مَخْزُونٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَا هُوَ) ، كالعلم بسرّ اللّه تعالى في القدر، فإنّه وردت روايات كثيرة بأنّ القدر سرٌّ من سرّ اللّه لا يطّلع عليه إلّا اللّه الواحد الفرد. ۲(مِنْ ذلِكَ يَكُونُ الْبَدَاءُ) . «من» سببيّة، يعني تجدّدُ الفعل بعد الفعل من اللّه بقدرته وتدبيره بعد ما لم يعلمه أحد غيره، ليس مستندا إلّا إلى ذلك العلم.
(وَعِلْمٌ عَلَّمَهُ مَلَائِكَتَهُ وَرُسُلَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ، فَنَحْنُ نَعْلَمُهُ) . يعني لا يكون بداؤه تعالى مستندا إلى هذا القسم من العلم.
وكأنّ هذا إشارة إلى أنّه يمكن أن يعتقد الملائكة والرُّسل والأنبياء والأوصياء بدون توقيفٍ أنّه سيقع كذا ولا يقع، ويجوز أن يخبروا بوقوعه بدون الاستناد إلى التوقيف بحيث لا يلزم منه القول على اللّه بغير علم، كالخبر بمجيء زيد من السفر غدا ولا يقع أي لا يقضي اللّه تعالى وقوعه في الغد.

1.في الكافي المطبوع : + «ووهيب بن حفص عن أبي بصير» .

2.التوحيد ، ص ۳۸۳ ، باب القضاء والقدر و . . . ، ح ۳۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۵ ، ص ۹۷ ، ح ۲۳ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
416

السابع: (مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: الْعِلْمُ عِلْمَانِ: فَعِلْمٌ) ؛ الفاء للتفصيل.
(عِنْدَ اللّهِ مَخْزُونٌ لَمْ يُطْلِعْ) ؛ من باب الإفعال.
(عَلَيْهِ أَحَدا مِنْ خَلْقِهِ؛ وَعِلْمٌ عَلَّمَهُ) ؛ من باب التفعيل.
(مَلَائِكَتَهُ وَرُسُلَهُ) أي بحيث لا يكون فيه احتمال تعليقٍ بشرط ونحوه، فإنّه ينافي علمهم.
(فَمَا عَلَّمَهُ مَلَائِكَتَهُ وَرُسُلَهُ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ) أي على وفق اعتقادهم.
(لَا يُكَذِّبُ) ؛ من باب التفعيل.
(نَفْسَهُ) في إخباره للملائكة.
(وَلَا مَلَائِكَتَهُ) في تبليغهم إلى الأنبياء.
(وَلَا رُسُلَهُ) في تبليغهم إلى الناس.
(وَعِلْمٌ عِنْدَهُ مَخْزُونٌ، يُقَدِّمُ مِنْهُ مَا يَشَاءُ) أي إن شاء قدّم المؤخّر في اعتقاد غيره.
(وَيُؤَخِّرُ۱مَا يَشَاءُ) أي إن شاء أخّر المقدّم في اعتقاد غيره.
(وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ) أي إن شاء أوجد ما اعتقد غيرُه أنّه لا يوجده. وليس المقصود الفرق بين العلمين بخروج المعلوم الأوّل عن قدرته تعالى وعن أن يكون له فيه البداء،دون الثاني؛ بل المقصود أنّه لا يقبح عنه تعالى أن يخالف اعتقاد غيره في الثاني، دون الأوّل؛ فإنّ المخالفة فيه قبيح.
ودلالة الحديث على البداء باعتبار دلالته على أنّ كلّاً من التقديم والتأخير والإيجاد متجدّد باعتبار صدوره عنه تعالى، لأنّه لم يخرج بعدُ عن قدرته تعالى، وإن كان قبيحا في الأوّل دون الثاني. وسيجيء في ثاني «باب نادر فيه ذكر الغيب» من «كتاب الحجّة» ۲ ما يوافق هذا.

1.في الكافي المطبوع : + «منه» .

2.الكافي، ج ۱، ص ۳۳۳، باب نادر في حال الغيبة، ح ۲.

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 72181
صفحه از 584
پرینت  ارسال به