نظيره في سادس «باب في إبطال الرؤية» .
(وَيَدْعُوَهُمْ إِلى عِبَادَتِهِ) بعد نصب الدلائل الواضحة .
(حَتّى لَا يَخْتَلِفَ مِنْهُمُ) : من خلقه (اثْنَانِ) . المراد بالاختلاف الاختلاف لأجل عدم الدليل الواضح .
(وَلِمَ احْتَجَبَ عَنْهُمْ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ) أي لم ينصب دليلاً واضحا قبل إرسال الرسل على نفسه، وإنّما احتجّ على وجوده بقول الرسل وبيانهم لدليل خفيّ، كما زعم الفلاسفة ومَن تبعهم أنّه مبنيّ على إبطال التسلسل في الاُمور المتعاقبة، أو إثبات احتياج الممكن في البقاء إلى مؤثّر، ونحو ذلك من المقدّمات الدقيقة جدّا . ۱(وَلَوْ بَاشَرَهُمْ بِنَفْسِهِ) أي لو نصب لهم أدلّة واضحة قبل إرسال الرُّسل . (كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْاءِيمَانِ بِهِ ) .
هذا من قبيل دليل المعتزلة على وجوب اللطف على اللّه ، ۲ ويجيء إبطاله في «باب الاستطاعة»، ولم يتعرّض عليه السلام هنا له لئلّا يتوهّم أنّ الواقع خفاء الدليل .
(فَقَالَ لِي : وَيْلَكَ ، وَكَيْفَ احْتَجَبَ عَنْكَ مَنْ أَرَاكَ قُدْرَتَهُ فِي نَفْسِكَ ؟!) . يريد أنّه تعالى نصب أدلّة واضحة على أنّه المدبِّر للعالم قبل إرسال الرسل ؛ ومن تلك الدلائل ما في نفسك، ولم يقل: «أراك وجوب وجوده» بدل «أراك قدرته» إشارةً إلى أنّ إثبات الصانع بإثبات حدوث العالم عنه بالقدرة، لا بإثبات وجوب الوجود .
(نُشُوءَكَ وَلَمْ تَكُنْ) . النشوء بضمّ النون والمعجمة والواو والهمز كالحدوث وَزْنا ومعنىً، مصدر نشأ كمنع وحسن، أي حيي. وهو منصوب على أنّه بدل تفصيل لقوله : «قدرته» والواو للحال أجرى الاتّصال مجرى المقارنة .
وهذا إلى آخره راجع إلى ما فصّلناه في الدليل الثاني من أوّل الباب، لكن أجراه في قسم من الحوادث التي ليست تحت مقدور المخلوقين، وهي ما في أنفسنا ليستنبط