43
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

نظيره في سادس «باب في إبطال الرؤية» .
(وَيَدْعُوَهُمْ إِلى عِبَادَتِهِ) بعد نصب الدلائل الواضحة .
(حَتّى لَا يَخْتَلِفَ مِنْهُمُ) : من خلقه (اثْنَانِ) . المراد بالاختلاف الاختلاف لأجل عدم الدليل الواضح .
(وَلِمَ احْتَجَبَ عَنْهُمْ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ) أي لم ينصب دليلاً واضحا قبل إرسال الرسل على نفسه، وإنّما احتجّ على وجوده بقول الرسل وبيانهم لدليل خفيّ، كما زعم الفلاسفة ومَن تبعهم أنّه مبنيّ على إبطال التسلسل في الاُمور المتعاقبة، أو إثبات احتياج الممكن في البقاء إلى مؤثّر، ونحو ذلك من المقدّمات الدقيقة جدّا . ۱(وَلَوْ بَاشَرَهُمْ بِنَفْسِهِ) أي لو نصب لهم أدلّة واضحة قبل إرسال الرُّسل . (كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْاءِيمَانِ بِهِ ) .
هذا من قبيل دليل المعتزلة على وجوب اللطف على اللّه ، ۲ ويجيء إبطاله في «باب الاستطاعة»، ولم يتعرّض عليه السلام هنا له لئلّا يتوهّم أنّ الواقع خفاء الدليل .
(فَقَالَ لِي : وَيْلَكَ ، وَكَيْفَ احْتَجَبَ عَنْكَ مَنْ أَرَاكَ قُدْرَتَهُ فِي نَفْسِكَ ؟!) . يريد أنّه تعالى نصب أدلّة واضحة على أنّه المدبِّر للعالم قبل إرسال الرسل ؛ ومن تلك الدلائل ما في نفسك، ولم يقل: «أراك وجوب وجوده» بدل «أراك قدرته» إشارةً إلى أنّ إثبات الصانع بإثبات حدوث العالم عنه بالقدرة، لا بإثبات وجوب الوجود .
(نُشُوءَكَ وَلَمْ تَكُنْ) . النشوء بضمّ النون والمعجمة والواو والهمز كالحدوث وَزْنا ومعنىً، مصدر نشأ كمنع وحسن، أي حيي. وهو منصوب على أنّه بدل تفصيل لقوله : «قدرته» والواو للحال أجرى الاتّصال مجرى المقارنة .
وهذا إلى آخره راجع إلى ما فصّلناه في الدليل الثاني من أوّل الباب، لكن أجراه في قسم من الحوادث التي ليست تحت مقدور المخلوقين، وهي ما في أنفسنا ليستنبط

1.اُنظر المسالك في اُصول الدين ، ص ۵۲ ؛ معارج الفهم ، ص ۲۱۲ ؛ الحكمة المتعالية ، ج ۸ ، ص ۱۲ .

2.حكاه في شرح المواقف ، ج ۸ ، ص ۱۶۸ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
42

فِي زِينَتِهِ» 1 أي معها .
(وَأَنَّهَا عُمْرَانٌ) ؛ بضمّ المهملة وسكون الميم مصدر كشكران وكفران وغفران، من عمر المكان كنصر وحسن وعلم عمارةً بالكسر: ضدّ خرب، فهو عامر؛ استعمل بمعنى الفاعل للمبالغة، لمّا كان الدار التي لها مدبّر عامرا، استعمل لفظ اللازم في الملزوم . والمراد أنّ لها مدبّرا وحافظا ، ويحتمل أن يكون المراد أنّها مسكن الملائكة .
(وَأَنْتُمْ تَزْعُمُونَ) . الزعم مثلّثة من باب نصر: القول الحقّ والباطل، وأكثر ما يقال فيما يشكّ فيه .
(أَنَّ السَّمَاءَ خَرَابٌ) ؛ بفتح المعجمة مصدر خرب المكان كعلم: إذا فسد، فهو خرب ، ودار خربة؛ استعمل في الموضع الخرب . 2 (لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ ؟!) . صفة «خراب» للتفسير، أو خبر آخر . والمراد بالأحد الإله أو الملك .
(قَالَ : فَاغْتَنَمْتُهَا) أي تلك الكلمة (مِنْهُ) ؛ حيث لم يكتف بدعوى وجود الصانع، بل ضمّ إليه دعوى التكليف والمعاد والثواب والعقاب ، أو حيث ذكرها عليه السلام بدون تصريح منّي باعتقادي .
(فَقُلْتُ لَهُ : مَا مَنَعَهُ ـ إِنْ كَانَ) . لم يقل «لو كان» خوفا من التصريح بالاعتقاد .
(الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُونَ ـ) أي أهل الطواف .
(أَنْ يَظْهَرَ لِخَلْقِهِ) . يريد بالظهور نصب الدلائل الواضحة ، وهذا إشارة منه إلى أنّ اعتقادكم بوجود الصانع لم يحصل إلّا بقول من ادّعى أنّه رسول منه، وأنتم تزعمون أنّ عليه دليلاً خفيّا .
ويحتمل أن يكون المراد بالظهور كونَه محسوسا مرئيّا ، وحينئذٍ كان قوله: «و كيف احتجب» من قبيل حمل كلام الخصم على غير مراده مبالغةً في امتناع مراده، كما يجيء

1.القصص (۲۸) : ۷۹ .

2.في حاشية «أ» : «وفيه إشارة إلى ما ذهب إليه الفلاسفة من استحالة الخرق والالتيام والسكون والحركة المستقيمة في الفلكيّات ومن أنّ إيجاد العالم بعنوان الإيجاب ، فلا يستحقّ موجده حمدا فضلاً عن العبادة» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 71669
صفحه از 584
پرینت  ارسال به