«باب الاستطاعة». ويجيء في «كتاب الإيمان والكفر» في خامس «باب فضل اليقين» ۱ عدمُ فراره عليه السلام من هذا وأشباهه.
وليعلم أنّ المشيّة والإرادة والتقدير والقضاء قد يتعلّق بالفعل الاختياري للغير، فتجري فيه أيضا الأقسام الأربعة باعتبار أقسام المقضيّ إليه، كما نوضحه في باب بعد هذا الباب.
بيّن عليه السلام الترتيب بين الخصال بقوله:
(فَأَمْضى مَا قَضى، وَقَضى مَا قَدَّرَ، وَقَدَّرَ مَا أَرَادَ) . فيه اقتصار، فإنّ تتمّته المحذوفة: «وأراد ما شاء وشاء ما علم». والمقصود أنّه لم يتعلّق إمضاؤه وقضاؤه إلّا بما تعلّق به علمه، والإمضاء والقضاء متعلّقان بالجزئيّات من حيث هي جزئيّات، فعلمه أيضا متعلّقٌ بها من هذه الحيثيّة.
وهذا ردّ لما توهّمه السائل من نفي العلم بالجزئيّات من حيث هي جزئيّات، ثمّ أكّد بيان الترتيب بقوله:
(فَبِعِلْمِهِ كَانَتِ الْمَشِيئَةُ، وَبِمَشِيئَتِهِ كَانَتِ الْاءِرَادَةُ، وَبِإِرَادَتِهِ كَانَ التَّقْدِيرُ، وَبِتَقْدِيرِهِ كَانَ الْقَضَاءُ ، وَبِقَضَائِهِ كَانَ الْاءِمْضَاءُ ) .
الباء في المواضع للاستعانة، والمقصود أنّه لولا علمه بالجزئي من حيث إنّه جزئي،لم يتعلّق قضاؤه وإمضاؤه بالجزئي من حيث إنّه جزئي؛ ردّا لما توهّمه السائل، وذلك لأنّه لولا تعلّق علمه بالجزئي، لم تتعلّق به مشيّته، ولولا تعلّق مشيّته بالجزئي، لم تتعلّق به إرادته، ولولا تعلّق إرادته بالجزئي، لم يتعلّق به تقديره، ولولا تعلّق تقديره بالجزئي، لم يتعلّق به قضاؤه، ولولا تعلّق قضائه بالجزئي، لم يتعلّق به إمضاؤه؛ وذلك لا?ّ جعل الشيء ماضيا فعل اختياري، فإنّه لو لم يفعل في وقته لم يصر من الاُمور الماضية.
ويحتمل أن يكون المراد أنّه لولا المشيّة لم تكن إرادة أصلاً؛ لأنّ الكاشف هنا دائر مع المكشوف عنه وجودا وعدما؛ أي وقوعه يكشف عن وقوعه، وعدمه عن عدمه.