(فَلَا بَدَاءَ) أي لا بداء في هذا المعلوم؛ لأنّ الماضي خارج عن القدرة، بمعنى صحّة الفعل والترك.
(فَالْعِلْمُ فِي الْمَعْلُومِ۱) . «في» هنا وفي نظائره للظرفيّة المجازيّة، أي متعلّق بالمعلوم الجزئي من حيث إنّه جزئي كأنّه حاصل فيه.
(قَبْلَ كَوْنِهِ) . هذا إنّما يتصحّح بالقول بثبوت المعدومات في الخارج؛ لبداهة أنّ العلم بلا شيء محضٍ محالٌ، وتفصيله في محلّه. وكأنّ في استعمال «في» الدالّةِ في الأصل على الظرفيّة ونحو من المتبوعيّة إشارةً إليه، وخبر المبتدأ الجارّ والمجرور. ويحتمل أن يكون الخبر «قبل كونه» وقس عليه قوله:
(وَالْمَشِيئَةُ فِي الْمُنْشَأ ؛ بضمّ الميم وسكون النون وفتح المعجمة والهمز؛ أي في المشي، وإنّما عبّر عنه بالمنشأ إشارةً إلى أنّ المشيّةَ ابتداء فعل كاشف عنه، فكأنّه أحدثه حين المشيّة.
(قَبْلَ عَيْنِهِ) أي وجوده العيني، وهو حين القضاء.
(وَالْاءِرَادَةُ فِي الْمُرَادِ قَبْلَ قِيَامِهِ) أي بقائه، وهو حين الإمضاء؛ يُقال: أقام الشيء، أي أدامه؛ من قوله تعالى: «وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ» . ۲
لمّا كانت الإرادة إدامةً للمشيّة وبقاءً عليها، والإمضاء إدامةً للقضاء، ناسب ذكر أنّ الإرادة قبل الإمضاء، كما ناسب أن يُقال: إنّ المشيّة قبل القضاء.
(وَالتَّقْدِيرُ لِهذِهِ الْمَعْلُومَاتِ قَبْلَ تَفْصِيلِهَا وَتَوْصِيلِهَا عِيَانا وَوَقْتا) أي قبل وجودها الخارجي؛ فإنّ المفعولات قد ينفصل بعضها عن بعض في الوجود الخارجي، إمّا بحسب المعاينة والوضع كجسم في المشرق وآخَرَ في المغرب، وإمّا بحسب الوقت كآدم ونوح؛ وقد يتّصل إمّا بحسب المعاينة والوضع كجسمين متلاصقين، وإمّا بحسب الوقت كالاُمور المجتمعة في آنٍ واحدٍ.