مثلاً؛ أي ما علم تعالى أنّه يفضي تحقّقه إلى اختيار العبد ذلك الفعل في وقته إلى آخر ما ذكرنا آنفا في المشيّة.
وتسمّى تلك الإرادة إرادة عزم وإرادة اختيار أيضا، ويعبّر عنها في أحاديثهم عليهم السلام بالإتمام على المشيّة، وبالعزيمة على ما يشاء، وبالثبوت عليه أي الجدّ فيه.
والمراد بالقدر هنا ما ذكرنا في حدّ الإرادة، إلّا أنّ القدر في وقت يظنّ فيه قدرة العبد على الفعل والترك بعد ذلك، فهو قبيل وقت الفعل والترك متّصلاً به.
والمراد بالقضاء هنا ما ذكرنا في حدّ الإرادة، إلّا أنّ القضاء في وقت الفعل والترك والحاجة إلى اعتبار الإرادة، ثمّ اعتبار القدر، ثمّ اعتبار القضاء بعد المشيّة بيان أنّ فعل العبد أو تركه لم يخرج بمجرّد المشيّة، أو مع الإرادة أيضا، أو مع القدر أيضا عن قدرة اللّه تعالى على التصرّف فيه؛ لأنّ الوجوب بالنسبة إلى هذه الاُمور وجوب لاحق، كما يجيء في ثالث «باب الاستطاعة» وتقسيم طرقه تعالى إلى إيمان الكافر مثلاً إلى هذه الأربعة، مع أنّ له طرقا لا تعدّ ولا تحصى للتقريب إلى الفهم، ووجه مناسبة تخصيص هذه الألفاظ الأربعة بالمعاني الأربعة كما مرّ في آخر «باب البداء».
ومذهب المعتزلة أنّه لا فرد لمشيّته تعالى لفعل العبد أو تركه إلّا الأمر به، مع كونه تعالى بحيث إن قدر على ما يفضي إليه من اللطف لفعل، فمشيّته متعلّقة بإيمان الكافر وإن لم يكن واقعا، فلم يصدق: ما شاء اللّه كان وما لم يشأ لم يكن، سبحان من لا يجري في ملكه إلّا ما يشاء، بل قد يكون ما شاء إبليس، ولا يكون ما شاء اللّه تعالى. ۱
وهذا باطل لوجهين:
الأوّل: أنّه يستلزم إخراج اللّه تعالى من سلطانه ومضادّته في ملكه، وسيجيء تفصيل بيانه في شرح ثاني «باب الاستطاعة».
الثاني: أنّ الفرد الذي أثبتوه للّه تعالى من المشيّة من صفات المخلوق الذي يكون فيه شوق إلى شيء ثمّ قد يحرم منه، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا؛ إنّما فرد مشيّته تعالى