في الإذن. والحقّ الأمر بين الأمرين.
قالت الأشاعرة: قدرة العبد على فعل مساوقة لاتّصافه به تبعا لداعيه إلى الفعل، والمؤثّر في الفعل هو اللّه تعالى وقدرته على تركٍ مساوقةٌ لاتّصافه به تبعا لداعيه إلى الترك، والتارك هو اللّه تعالى، فإنّ معنى الترك عدم الفعل ممّن من شأنه التأثير في الفعل، لا العدمُ مطلقا، ولذا لا يسمّى الجدار تاركا للصلاة قال ۱ : إنّ المؤمن لا يقدر على الكفر، والكافر لا يقدر على الإيمان. فأنكرت الجهميّة والأشاعرة لذلك التحسين والتقبيح العقليّين، وزعموا أنّه لا يجب على اللّه تعالى شيء، ۲ والأمر بين الأمرين أنّ العبد قادر على كلّ من الفعل والترك ردّا على المجبّرة أي الجهميّة، والأشاعرة، وأنّ قدرته على فعل في وقت ۳ لا تتقدّم على ذلك الوقت ردّا على القدريّة المفوّضة.
واعلم أنّ في أفعال العباد مذهبا حصل من مزج الفلسفة بالاعتزال، وهو أنّ تخلّف فعل العبد عن علّته التامّة محال، وأنّ قدرته على فعل في وقت يتقدّم على ذلك الوقت، ويجب على اللّه كلّ لطف ناجع. وهذا مذهب أبي الحسين البصري من المعتزلة ومن تبعه. ۴ وهذا قول بالجبر بمعنى رفع اللوم عن فعل العبد من جهة، وبالتفويض من جهتين اُخريين.
فتلخّص ممّا ذكرنا أنّ اُصول المذاهب في أفعال العباد خمسة.
(وَأَجَلٍ) . المراد به وقت الحساب للأعمال يوم القيامة، فإنّه كأجل الديون المكتوبة في الصكوك بين الناس؛ أو المراد بالأجل الوقت المعيّن لوجوب خلق الكائن على اللّه .
وإثبات هذه الخصلة في الخصال السبع للردّ على منكري الحشر والحساب والجزاء، أو على منكري البداء من اليهود والفلاسفة القائلين بأنّ جميع معلولاته تعالى صادرة عنه تعالى دفعةً واحدة دهريّة، لا ترتّب لها بحسب الصدور عنه زمانا، كما مرّ تفصيله في الباب السابق.
1.في «ج» : «قالوا» .
2.فصَّل ذلك الشيخ جعفر سبحاني في رسالة في التحسين والتقبيح العقليّين ، ص ۶۱ ، وخصّص الفصل العاشر لأدلّة المنكرين .
3.في «ج» : «وقت في فعل» .
4.حكاه في المغني في أبواب العدل والتوحيد ، ص ۱۱۶ ؛ والعلّامة في معارج الفهم ، ص ۴۲۲ .