447
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

فإنّ في «باب الإرادة والمشيئة» من كتاب المحاسن للبرقي ـ رحمه اللّه تعالى ـ في هذه الرواية بعد هذا «قلت: فما معنى أراد؟ قال: الثبوت عليه» انتهى. ۱ وهو أحسن وأوفق بما يجيء في رابع الثلاثين. ۲ ومعنى «الثبوت عليه» البقاء على الابتداء، وهو أن يصدر عنه تعالى ـ بعد المشيئة وقبل وقت قدرة العبد بزعم المعتزلة ـ فعل أو ترك موافق للمشيئة في الإفضاء إلى اختيار العبد الفعلَ، والحاجةُ إلى اعتبار الإرادة بيانُ أنّ الفعل لم يخرج بمجرّد مشيئة اللّه له عن قدرة اللّه على التصرّف فيه، لأنّ الوجوب بالنسبة إلى المشيئة ليس وجوبا سابقا، بل هو وجوب لاحق، كما يجيء في ثالث «باب الاستطاعة».
(قُلْتُ: مَا مَعْنى «قَدَّرَ»؟) . المراد ما معنى التقدير كما مرّ.
(قَالَ : «تَقْدِيرُ الشَّيْءِ مِنْ طُولِهِ وَعَرْضِهِ») أي معناه معلوم من اللغة، فإنّ الذي يظنّ قدرته على فعل بعد الحال يقدّر في نفسه ما يتعلّق بالفعل، كما في الحذّاء يقدّر قبل قطع الأديم طولَ ما يقطع منه وعرضَه.
ويفهم من ذلك أنّ معنى التقدير تعيين جهات الفعل وصفاته باعتبار زيادته ونقصانه، وباعتبار شدّته وضعفه قبل وقت الفعل متّصلاً به، وأنّ معنى تقدير اللّه لفعل العبد مثلاً فعلٌ أو ترك صادر من اللّه قُبيلَ وقت فعل العبد، موافق للمشيئة والإرادة في الإفضاء إلى فعل العبد، والحاجةُ إلى اعتبار التقدير ظاهر ممّا مرّ في الحاجة إلى اعتبار الإرادة.
(قُلْتُ: مَا مَعْنى «قَضى»؟ قَالَ : إِذَا قَضى أَمْضَاهُ) أي معناه التدبير في وقت الفعل، وهو الذي يتعقّبه بلا فصل الإمضاء؛ أي جعل الفعل ماضيا وهو اختياري، فإنّه لولا القضاء لم يصر الفعل ماضيا. والحاجةُ إلى اعتبار القضاء بيان أنّ الفعل لم يخرج بمجرّد المشيّة والإرادة والتقدير عن قدرة اللّه على التصرّف فيه؛ لأنّ الوجوب بالنسبة إلى الثلاثة وجوب لاحق.
(فَذلِكَ) أي ما تعلّق به القضاء والإمضاء.

1.المحاسن ، ج ۱ ، ص ۲۴۴ ، باب الإرادة والمشيئة، ح ۲۳۷ .

2.أي في الحديث ۴ من باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
446

الباب السادس والعشرون : بَابُ الْمَشِيئَةِ وَ الْاءِرَادَةِ

فيه ستّة أحاديث.
أي ما يوضح معنى المشيئة والإرادة، ويدلّ المتأمّلَ على استنباط معناهما، وفيه اقتصار أي «وأخويهما وهما القدر والقضاء».
وهذا الباب كالشرح لبعض ما في الباب السابق، وللردّ على المعتزلة في خلافَيْهم المذكورين في الباب السابق.
الأوّل: (عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عليهماالسلام يَقُولُ: لَا يَكُونُ شَيْءٌ) ؛ أي فعل أو ترك اختياري للعباد.
(إِلَا مَا شَاءَ اللّهُ وَأَرَادَ، وَقَدَّرَ وَقَضى. قُلْتُ: مَا مَعْنى «شَاءَ»؟) . المقصود بالذات السؤال عن المشيئة؛ لأنّ معنى المشتقّ معلوم لغةً، ولذا:
(قَالَ: «ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ»۱) أي فعل العبد مثلاً، فإنّ الحكم يتناول تركه أيضا، وابتداؤه أوّل فعل أو ترك يفضي إلى اختيار العبد إيّاه، وكأنّه سقط من قلم نسّاخ الكافي هنا شيء،

1.في حاشية «أ» : «قوله: ما معنى شاء قال : ابتداء الفعل ، أي المشيّة ابتداء الفعل، أي أوّل ما يحصل من جانب الفاعل ويصدر عنه ممّا يؤدّي إلى وجود المعلول . وقوله : تقدير الشيء من طوله و عرضه ، أي من التحديدات والتعيينات بالأوصاف والأحوال كالطول والعرض . وقوله : إذا قضاه أمضاه ، أي إذا أوجبه باستكمال شرائط وجوده وجميع ما يتوقّف عليه المعلول أوجده . وذلك الذي لا مردّ له ؛ لاستحالة تخلّف المعلول عن الموجب التامّ (ميرزا رحمه الله)» . الحاشية على اُصول الكافي لميرزا رفيعا ، ص ۴۸۶ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55396
صفحه از 584
پرینت  ارسال به