449
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

استعمال الألفاظ، وقد خرج إلينا في استعمالات القرآن هكذا؛ حيث قال تعالى في سورة البقرة: «وَاللّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ»۱ ، وقال في سورة النساء: «لَا يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ»۲ ، وقال في سورة الدهر والتكوير: «وَمَا تَشَاءُونَ إِلَا أَنْ يَشَاءَ اللّهُ»۳ ، وفي سورة التوبة: «وَلَكِنْ كَرِهَ اللّهُ انْبِعَاثَهُمْ»۴ ، وفي سورة الأنعام: «فَمَنْ يُرِدْ اللّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْاءِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّه»۵
، وقال تعالى في سورة هود حكايةً عن نوح: «وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِى إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ»۶ ، وأمثال ذلك كثيرة.
الثالث: (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ) ؛ بفتح الميم، وسكون المهملة، وفتح الموحّدة، ومهملة.
(عَنْ وَاصِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَمَرَ اللّهُ وَلَمْ يَشَأْ، وَشَاءَ وَلَمْ يَأْمُرْ۷) ؛ يعني ليس المشيئة مساوقةً لأمره تعالى؛ لتحقّق كلّ منهما بدون الآخر.
وهذا ردّ على المعتزلة في أوّل خلافَيْهم معنا، وقد مرَّ تحقيقه في أوّل الخامس والعشرين. ۸(أَمَرَ إِبْلِيسَ أَنْ يَسْجُدَ لِادَمَ، وَشَاءَ أَنْ لَا يَسْجُدَ) . استئنافٌ بياني.

1.البقرة (۲) : ۲۰۵ .

2.النساء (۴) : ۱۴۸ .

3.الإنسان (۷۶) : ۳۰ ؛ التكوير (۸۱) : ۲۹ .

4.التوبة (۹) : ۴۶ .

5.الأنعام (۶) : ۱۲۵ .

6.هود (۱۱) : ۳۴ .

7.في حاشية «أ» : «قوله : أمر اللّه ولم يشأ ، وشاء ولم يأمر أي أمر اللّه بشيء لم يشأه مشيّةً منجرّة إلى وقوعه ، وشاء مشيّةً منجرّةً إلى وقوع المُشاء ولو بالتبع ولم يأمر ، كما أمر إبليس بالسجود لآدم عليه السلام ولم يشأ أن يسجد ، بل شاء أن لا يسجد بالتبع مشيّةً منجرّة إلى الوقوع ، ولو شاءه كذلك لسجد ، ونهى آدم عن أكل الشجرة ولم يشأ تركه ، بل شاء أن يأكل بالتبع ، ولو لم يشأ لم يأكل (ميرزا رحمه الله تعالى)» . الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۸۷ .

8.أي في الحديث ۱ من باب في أنّه لا يكون شيء في السماء والأرض إلّا بسبعة .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
448

(الَّذِي لَا مَرَدَّ) ؛ بالميم والراء المهملة المفتوحتين وشدّ الدال المهملة، مصدر ميمي.
(لَهُ) ؛ لأنّ القدرة على الماضي بمعنى صحّة الفعل، والتركُ في الزمان الماضي غير معقول، فيصير محتوما.
الثاني: (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : شَاءَ وَأَرَادَ، وَقَدَّرَ وَقَضى؟) . المفعول محذوف؛ أي كلَّ صادر عن العباد من فعل وترك.
(قَالَ: «نَعَمْ». قُلْتُ: وَأَحَبَّ؟) أي كلَّ صادر عن العباد.
(قَالَ: «لَا». قُلْتُ: وَكَيْفَ شَاءَ وَأَرَادَ ، وَقَدَّرَ وَقَضى وَلَمْ يُحِبَّ؟!) .
لمّا كان لفظ المحبّة يستعمل في العباد مساوقا للمشيئة والإرادة وأخويهما، اشتبه على السائل، وقاس استعماله في اللّه على استعماله في الخلق، مع أنّ مشيئة اللّه ليس كمشيئة الخلق، ومحبّة اللّه ليس كمحبّة الخلق، فإنّه تعالى لا يتّصف بالشوق والميل ونحو ذلك من صفات الخلق، فالمشيئة فيه تعالى يرجع إلى أفعال خاصّة أو تروك خاصّة سبق بيانها في أوّل الباب، وكذا أخواتها، ومحبّة اللّه لفعل العبد ـ مثلاً ـ طلبه منه ومدحه وثوابه عليه، أو عدم نهيه عنه، فليس استعمال المحبّة فيه تعالى على مساوقة المشيئة ونحوها.
(قَالَ: «هكَذَا خَرَجَ إِلَيْنَا»۱) . يعني ليس هذا نزاعا في المعنى، إنّما هو أمرٌ راجع إلى

1.في حاشية «أ» : « قوله : هكذا خرج إلينا، أي هكذا نُقل عن النبيّ صلى الله عليه و آله ووصل منه إلينا . ولمّا كان فهمه يحتاج إلى لطف قريحةٍ ، والحكمةُ مقتضية لعدم بيانه للسائل ، اكتفى ببيان المأخذ النقلي عن التبيين العقلي . ولعلّ عدم المنافاة بين تعلّق الإرادة والمشيّة بشيء وأن لا يحبّه ؛ لأنّ تعلّق المشيّة والإرادة بما لا يحبّه بتعلّقهما بوقوع ما يتعلّق به إرادة العباد بإرادتهم وترتّبه عليها ، فتعلّقهما بالذات بكونهم قادرين مريدين لأفعالهم وترتّبها على إرادتهم وتعلّقهما بما هو مرادهم بالتبع ، ولا حَجْر في كون متعلّقهما بالتبع شرّا غيرَ محبوب له ؛ فإنّ دخول الشرّ وما لا يحبّه في متعلّق مشيّته وإرادته بالعرض جائز ، فإنّ كلّ مَن تعلّق مشيّته وإرادته بخير وعَلم لزومَ شرّ له شرّيّةً لا تقاوم خيريّتَه تعلّقتا بذلك الشرّ بالتبع ، وذلك التعلّق بالتبع لا ينافي أن يكون المريد خيّرا محضا ولا يكون شرّيرا ومحبّا للشرّ (ميرزا رحمه اللّه )» . الحاشية على اُصول الكافي لميرزا رفيعا ، ص ۴۸۶ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 86029
صفحه از 584
پرینت  ارسال به