455
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(مَشِيئَةَ اللّهِ) أي للذبح. هذا أيضا من وضع اللازم المنفيّ موضع الملزوم المنفيّ، لكنّ اللزوم فيه بواسطة تقدير الكلام، ولو شاء أن يذبحه لما وقع عدم الذبح؛ إذ لو وقع عدم الذبح حينئذٍ لوقع بمشيئة إبراهيم، ولو وقع عدم الذبح بمشيئة إبراهيم حينئذٍ لغلبت مشيئة إبراهيم مشيئة اللّه .
ويمكن أن يُقال: إنّ المراد بمشيئة إبراهيم عدمَ الذبح تمنّيه في نفسه عدمَ ترتّب قطع الأوداج على التحريك؛ لرقّة الاُبوّة، وحينئذٍ فاللزوم بلا واسطة.
الخامس: (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ: «شَاءَ وَأَرَادَ، وَلَمْ يُحِبَّ وَلَمْ يَرْضَ) أي قد تتعلّق مشيّته تعالى وإرادته بشيء لا يتعلّق به حبّه ورضاه، فليست مشيّته وإرادته مساوقتين لحبّه ورضاه.
وهذا ردّ على المعتزلة في ثاني خلافَيْهم معنا، كما مرّ في أوّل الخامس والعشرين. ۱(شَاءَ أَنْ لَا يَكُونَ) ؛ ۲ تامّة، ويحتمل كونها ناقصةً وخبرها قولَه: «بعلمه»، وقولُه: «شاء» مبتدأ محكيّ والمضاف مقدّر؛ أي معنى شاء، والمقصود معنى المشيئة، لأنّ معنى المشتقّ معلوم لأهل اللغة، فقوله: «أن لا يكون» خبر المبتدأ، و«أن» مخفّفة من المثقّلة، أو مفسّرة عند من لا يشترط تقدّم ۳ الجملة على «أن» المفسّرِة. ويجعل ۴ منها قوله: «وآخر دعواهم أن الحمد للّه ربّ العالمين» فقوله: «لا يكون» بالرفع.

1.أي في الحديث ۱ من باب في أنّه لا يكون شيء في السماء والأرض إلّا بسبعة .

2.في حاشية «أ» : «قوله : شاء أن لا يكون شيء إلّا بعلمه، أي شاء بالمشيّة الحتميّة أن لا يكون شيء إلّا بعلمه ، وعلى طباق ما في علمه بالنظام الأعلى وما هو الخير والأصلح ولوازمها . وأراد بالإرادة الحتميّة مثل ذلك و لم يحبّ الشرور اللازمة التابعة للخير والأصلح ، كأن يقال : ثالث ثلاثة ، وإن يكفر به ، ولم يرض بها (ميرزا رحمه اللهتعالى)» . الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۸۸ .

3.في «ج» : «بعدم» .

4.في «ج» : «ويحتمل» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
454

وسيجيء في «كتاب الحجّ» في تاسع ۱ «باب حجّ إبراهيم وإسماعيل» قوله: «ثمّ أخذ المدية ۲ فوضعها على حلقه، ثمّ رفع رأسه إلى السماء، ثمّ انتحى عليه، ۳ فقلبها جبرئيل على حلقه». ۴(إِسْحَاقَ) . يجيء في عاشر ۵ «باب حجّ إبراهيم وإسماعيل» ما يدلّ أيضا على أنّ الذبيح إسحاق، ۶ وفي خامسه ۷ ذكر الخلاف فيه. ۸
وروى ابن بابويه في معاني الأخبار في «باب نوادر المعاني» عن أبي عبداللّه عليه السلام الاستدلال بالقرآن على أنّ الذبيح إسماعيل، وفي آخرها: «فمن زعم أنّ إسحاق أكبر من اءسماعيل وأنّ الذبيح إسحاق فقد كذب بما أنزل اللّه عزّ وجلّ في القرآن من نبئهما» انتهى. ۹
وقال في كتاب الخصال في «باب الاثنين»:
قد اختلفت الروايات في الذبيح، فمنها: ما ورد بأنّه إسماعيل، ومنها: ما ورد بأنّه إسحاق. ولا سبيل إلى ردّ الأخبار متى صحّ طرقها، وكان الذبيح إسماعيل، لكن إسحاق لمّا ولد بعد ذلك تمنّى أن يكون هو الذي اُمر أبوه بذبحه، فكان يصبر لأمر اللّه ، ويسلّم له كصبر أخيه وتسليمه، فينال بذلك درجته في الثواب، فعلم اللّه ـ عزّ وجلّ ـ ذلك من قلبه فسمّاه اللّه ـ عزّ وجلّ ـ بين ملائكته ذبيحا؛ لتمنّيه ذلك. انتهى. ۱۰(وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَذْبَحَهُ، وَلَوْ شَاءَ) أي أن يذبحه.
(لَمَا غَلَبَتْ مَشِيئَةُ إِبْرَاهِيمَ) أي لعدم الذبح.

1.في «أ» : «عاشر» .

2.المدية هي السكين والشفرة . النهاية ، ج ۴ ، ص ۳۱۰ (مدا) .

3.الانتحاء : الاعتماد والميل على الشيء ؛ يقال : انتحى على سيفه : إذا اعتمد عليه .

4.الكافي ، ج ۴ ، ص ۲۰۸ .

5.في «ج» : «تاسع» .

6.الكافي ، ج ۴ ، ص ۲۰۸ ، ح ۹ و ۱۰ .

7.في «ج» : «وفي ذيل رابعه» بدل «وفي خامسه» .

8.الكافي ، ج ۴ ، ص ۲۰۵ ، ح ۴ و ۵ .

9.معاني الأخبار ، ص ۳۹۱ ، باب نوادر المعاني ، ذيل ح ۳۴ .

10.الخصال ، ص ۵۷ ، ذيل ح ۷۸ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 71136
صفحه از 584
پرینت  ارسال به