السادس: (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام : قَالَ اللّهُ) . يمكن أن يكون القول حديثا قدسيّا، وهو ما كان لفظه من اللّه تعالى وليس اللفظ جزءا من القرآن، وقيل: ما كان من اللّه لا بتوسّط جبرئيل. انتهى.
ويمكن أن يكون نقلاً من القرآن باعتبار أنّه مذكور بالمعنى في القرآن.
(ابْنَ آدَمَ ) ؛ بتقدير حرف النداء.
(بِمَشِيئَتِي) . تقديم الظرف للحصر؛ أي لا بغلبتك عليَّ. وهذا ردّ للتفويض الأوّل من تفويضي المعتزلة، وقد مرّ بيانهما وبيان معنى المشيئة في أوّل الباب السابق.
(كُنْتَ) ؛ بضمير الخطاب.
(أَنْتَ) ؛ ضمير الفصل.
(الَّذِي تَشَاءُ) . اُقيم في العائد ضمير المخاطب موضع الغائب، كما اُقيم ضمير المتكلّم موضعه في ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: «أنا الذي سمّتني اُمّي حيدرة». ۱(لِنَفْسِكَ مَا تَشَاءُ) . ۲ اللام للانتفاع، وهو شامل للطاعة والعصيان؛ لأنّ كلّ فعل أو ترك
1.الإرشاد للمفيد ، ج ۱ ، ص ۱۲۶ ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۴ ، المجلس ۱ ، ح ۲ ؛ روضة الواعظين ، ج ۱ ، ص ۱۳۰ ؛ الخرائج والجرائح ، ج ۱ ، ص ۲۱۸ .
2.في حاشية «أ» : «قوله : بمشيّتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء إلى آخره ، أي بالمشيّة التي خلقتها فيك، وجعلتك ذا مشيّة ـ وهي من آثار مشيّة اللّه سبحانه ـ كنتَ أنت الذي تشاء لنفسك على وفق هواها ما تشاء، وبالقوّة التي خلقتها فيك ـ وهي من آثار قوّة اللّه ، ولعلّ المراد بها القوّة العقلانيّة ـ أدّيتَ فريضتي، وبنعمتي التي أنعمتها عليك من قدرتك على ما تشاء، والقوى الشهوانيّةِ والغضبيّةِ ـ التي بها حفظ الأبدان والأنواع وصلاحها ـ قويتَ على معصيتي. وقوله: جعلتك سميعا بصيرا قويّا. السمعُ والبصر ناظر إلى الفقرة الثانية، والقوّةُ إلى الفقرة الثالثة. وقوله: ما أصابك من حسنة فمن اللّه ؛ لأنّه من آثار ما اُفيض عليه من جانب اللّه . وما أصابك من سيّئة فمن نفسك، لأنّه من طغيانها بهواه. وقوله: وذاك أنّي أولى بحسناتك منك إلى آخره، بيان للفرق، مع أنّ الكلّ مستند إليه ومُنْتَهٍ به بالأخرة، وللعبد في الكلّ مدخل بالترتّب على مشيّته وقواه العقلانيّةِ والنفسانيّةِ بأنّ ما يؤدّي إلى الحسنات منها أولى به سبحانه؛ لأنّه من مقتضيات خيريّته سبحانه وآثارِه الفائضة من ذلك الجناب بلا مدخليّة للنفوس إلّا القابليّة لها، وما يؤدّي إلى السيّئات منها أولى بالأنفس؛ لأنّها مَناقصُ، من آثار نقصها لا تستند إلّا إلى ما فيه منقصة. وقوله: وذاك أنّني لا أُسأل عمّا أفعل وهم يُسألون، بيان لكونه أولى بالحسنات بأنّ ما يصدر ويفاض من الخير المحض من الجهة الفائضة منه، لا يسأل عنه ولا يؤاخذ به؛ فإنّه لا مؤاخذة بالخير الصرف، وما ينسب إلى غير الخير المحض ومَن فيه شرّيّة ينبعث منه الشرّ يؤاخذ بالشرّ، فالشرور وإن كانت من حيث وجودها منتسبةً إلى خالقها، فمِن حيث شرّيّتها منتسبةٌ إلى مُنشئها وأسبابها القريبة المادّيّة؛ صدق اللّه العظيم (ميرزا رحمه الله)» . الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۸۹ .