459
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(مِنْ) ؛ للتعليل نحو: «مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا»۱ ، وقيل: للتبيين. ۲(حَسَنَةٍ) أي حسن من الأفعال أو التروك، والتأنيث باعتبار الصفة والخصلة، فالمراد ب«ما» جزاء الحسنة في الدنيا أو الآخرة.
(فَمِنَ اللّهِ) أي ليس مبنيّا على استحقاقك إيّاه بالمكافأة، بل هو فوق المكافأة، ومبنيّ على الكرم.
(وَمَا أَصَابَكَ مِنْ) ؛ للتعليل، وقيل: للتبيين. ۳(سَيِّئَةٍ) أي قبيح من الأفعال أو التروك.
(فَمِنْ نَفْسِكَ»۴) أي مبنيّ على استحقاقك إيّاه بالمكافأة، بل هو دون المكافأة؛ قال تعالى في سورة حم عسق: «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ» . ۵
يجيء في «كتاب الإيمان والكفر» في ثالث «باب نادر أيضا» ۶ ما يدلّ على أنّ هذه الآية ليست في المعصومين، فما أصابهم لأسباب اُخرى منها تعريضهم للأجر العظيم بالصبر عليه.
(وَذَاكَ) . تعليلٌ لقوله: «ما أصابك» إلى آخره.
(أَنِّي) أي لأنّي (أَوْلى بِحَسَنَاتِكَ) أي أعمالك الصالحة (مِنْكَ) .
معنى كونه تعالى أولى بها من العبد أنّ الفعل الحسن قد يكون في مقابلة نعمة سابقة، وقد يكون لطلب ثواب لاحق. ولو بنى معاملته تعالى مع المطيع على المكافأة، كان جعل حسناته في مقابلة النعم السابقة أولى من جعلها لطلب ثواب لاحق؛ فالمراد بالأولويّة الأولويّة على تقدير فرض المكافأة، لا مطلقا؛ فلا ينافي ذلك وجوب الثواب

1.نوح (۷۱) : ۲۵ .

2.مجمع البيان ، ج ۳ ، ص ۱۳۷ .

3.النساء (۴) : ۷۹ .

4.الشورى (۴۲) : ۳۰ .

5.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۵۰ ، ح ۳ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
458

اختياري موقوف على الداعي، قال تعالى في سورة المدّثّر: «إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَا أَنْ يَشَاءَ اللّهُ»۱ ، وفي سورة الإنسان: «إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَا أَنْ يَشَاءَ اللّهُ»۲ ، ولعلّه لم يقل بمشيّئتي تشاء لنفسك ما تشاء مع أنّه أخصر إشارةً إلى أنّ ابن آدم يجعل نفسه معتدّا بها، ومشارا إليها في مشيّئته الأفعال الحسنة لنفسه.
(وَبِقُوَّتِي أَدَّيْتَ فَرَائِضِي) أي بالقوّة التي جعلتها فيك بالتوفيق للقبول منّي ووضع ثقل العمل كما يجيء في ثاني «باب السعادة والشقاء». وتقديم الظرف هنا أيضا للحصر كما مرّ، لا حول ولا قوّة إلّا باللّه .
(وَبِنِعْمَتِي قَوِيتَ عَلى مَعْصِيَتِي) . أشار بتغيير الاُسلوب إلى أنّه تعالى لا يفعل ما يقوّي معصية العاصي لأجل عصيانه، بل لمصلحة اُخرى أوجبته، بخلاف ما يقوّي جانب الطاعة.
(جَعَلْتُكَ سَمِيعا بَصِيرا قَوِيّا) . بيانٌ لبعض النعمة على سبيل المثال، وهو في أكثر المكلّفين.
والمراد بالقوّة قوّة البدن الحاصلةُ بالصحّة ونحوها، أو القوّة الحاصلة بكثرة الأتباع.
(«مَا أَصَابَكَ) . استئناف لبيان ما يتفرّع على قوله: «وبقوّتي» إلى آخره. وهذا مذكور بلفظه في سورة النساء. ۳ و«ما» موصولة متضمّنة معنى الشرط.

1.المدثر (۷۴) : ۵۴ ـ ۵۶ .

2.الإنسان (۷۶) : ۲۹ ـ ۳۰ .

3.في حاشية «أ» : «والمخاطب فيها رسول اللّه صلى الله عليه و آله (مهدي)» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 70632
صفحه از 584
پرینت  ارسال به