469
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

الاستقالة، ۱ ومثل ذلك اللعن على الظالمين، فإنّه إظهار للخروج عن حزبهم وتبرّى ء منهم، بقرينة أنّ طلب العذاب لشخص إن كان مع العلم بأنّه لا يعفو اللّه عنه البتّة كان عبثا، وإن كان بدون ذلك كان قبيحا.
الثاني: (عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ، عَنْ شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام جَالِسا وَقَدْ سَأَلَهُ سَائِلٌ، فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، مِنْ أَيْنَ) . «من» للابتداء. و«أين» للاستفهام عن المكان، والمقصود هنا بأيّ سبب.
(لَحِقَ) ؛ بصيغة الماضي المعلوم؛ يُقال: لحقه كعلم ولحق به لحاقا بالفتح، أي أدركه.
(الشَّقَاءُ) ؛ بالرفع، أي الميل إلى المعصية بالطبع والجبلّة.
(أَهْلَ) ؛ بالنصب.
(الْمَعْصِيَةِ) أي الذين خاتمتهم السوء والمعصية.
(حَتّى) . هي للتعليل، نحو آية سورة الفرقان: «وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ»۲ .
(حَكَمَ اللّهُ لَهُمْ) ؛ بصيغة الماضي المعلوم، وفيه ضمير اللّه ، واللام للاستحقاق، نحو آية سورة الأنفال: «وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ»۳ أي ختم لهم.
(فِي عِلْمِهِ) . «في» هذه للظرفيّة المجازيّة، نحو: «وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ»۴ ؛ فالمعنى أنّ هذا الحكم في جملة علمه الأزلي وفرد من أفراده، لا في حكمه في وحيه إلى رسله.
(بِالْعَذَابِ عَلى عَمَلِهِمْ؟) أي بأنّ العذاب واجب في قضيّة الحكمة على عملهم، ۵ لا يجوز العفو عنهم؛ لأنّ العفو عنهم ظلم؛ أي وضع للشيء في غير موضعه، بل ظلاميّة،

1.الصحيفة السجّاديّة (ابطحي) ، ص ۹۹ ، الدعاء ۹ .

2.الفرقان (۲۵) : ۱۸ .

3.الأنفال (۸) : ۱۴ .

4.البقرة (۲) : ۱۷۹ .

5.في «ج» : «علمهم» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
468

المجاز، فيمكن أن يكون المراد بالمؤمنين حينئذٍ أعمّ من أهل السعادة، وذلك على مذهب من يجوّز الارتداد في المؤمن حقيقةً، وفيه خلاف مشهور في علم الكلام.
إن قلت: قد ورد في الأدعية المأثورة طلب تبديل الشقاء بالسعادة، كما في أدعية شهر رمضان من التهذيب في «باب الدعاء بين الركعات» بعد الثماني ركعات التي بعد المغرب، عن ذريح، عن أبي عبداللّه عليه السلام : «يا ذا المنّ لا مَنَّ عليك، يا ذا الطَوْل لا إله إلّا أنت، ظهير اللاجئين، ومأمَن الخائفين، وجار المستجيرين إن كان في اُمّ الكتاب عندك أنّي شقيّ أو محروم أو مقتّر عليَّ رزقي، فامح من اُمّ الكتاب شقائي وحرماني وإقتار رزقي، واكتبني عندك سعيدا موفّقا للخير، موسّعا عَليَّ رزقك، فإنّك قلت في كتابك المنزل على نبيّك المُرسل صلواتك عليه وآله: «يَمْحُوا اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ»۱ » الدعاء ۲ وطلب الماضي غير معقول؟
قلت: هاهنا فائدة مهمّة لابدّ من معرفتها، وهي أنّ باب الدعاء باب واسع يسع من الشعريات ـ التي تسمّى في باب الدعاء انقطاعا إلى اللّه ـ ما لا يسعه غيره لبيان المسائل، فلا نسلّم أنّه طلب حقيقة، بل هو إظهار للرضا بالسعادة، ويترتّب عليه ثواب، وله نظائر كثيرة:
منها: «إلهي لئن طالبتني بذنبي لاُطالبنّك بكرمك، وإن طالبتني بجريرتي لاُطالبنّك بعفوك، ولئن أمرتني إلى النار لاُخبرنّ أهلها أنّي كنت أقول: لا إله إلّا اللّه ، محمّدٌ رسول اللّه ». ۳
ومنها الدعاء: «إن كنتُ من أهل النار فأسألُك أن تجعلني فداء اُمّة محمّد، وتشغلَ النار بي حتّى يبرّ يمينك، ولا تسعَ النار لأحدٍ غيري». ۴
ومنها: ما في الصحيفة الكاملة من نسبة الذنوب إلى المعصوم، كما في دعائه في

1.الرعد (۱۳) : ۳۹ .

2.تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۷۲ ، ح ۴ .

3.الأمالي للصدوق ، ص ۳۵۷ ، المجلس ۵۷ ، ح ۲ ؛ روضة الواعظين ، ج ۲ ، ص ۳۲۹ ؛ مفتاح الفلاح ، ص ۲۴ بتفاوت يسير .

4.تفسير الرازي ، ج ۲۲ ، ص ۱۰۶ بالمضمون .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 70960
صفحه از 584
پرینت  ارسال به