اللّه ؛ أي ليس وجود أحد من المخلوقين حاقّا لحكم اللّه في علمه الأزلي، فضلاً عن لحوق الشقاء بذلك المخلوق، فإنّه أيضا مخلوق حادث، والحادث لا يكون حاقّا للقديم الأزلي.
إن قلت: العلم بلا شيء محضٍ محال، يجوز قِدم علمه تعالى بكلّ شيء مع حدوث كلّ مخلوق.
قلت: إن اُريد بالشيء الموجودُ في الخارج أو في الذهن، فلا نسلّم استحالة العلم بلا شيء محض، وإن اُريد به أعمّ من الثابت في الخارج بدون وجود، فيجوز علمه تعالى أزلاً بكلّ شيء؛ لثبوت المعدومات في الخارج أزلاً وأبدا بدون تأثير وخلق. وتفصيله في حواشينا على عدّة الاُصول.
(فَلَمَّا حَكَمَ بِذلِكَ، وَهَبَ لِأَهْلِ مَحَبَّتِهِ الْقُوَّةَ عَلى مَعْرِفَتِهِ) . «لمّا» هنا ك«لّما» في قولك: لمّا أكرمتني أمس أكرمتك اليوم. و«حَكَمَ» بصيغة ماضي معلوم باب نصر. والباء للمصاحبة، نحو: اهبط بسلام؛ أي معه. والإشارة إلى عدم القيام المفهوم من قوله: «لا يقوم له أحد من خلقه بحقّه».
والمراد بأهل محبّته: الذين حكم في علمه الأزلي بأنّهم يحبّونه، فإضافة المصدر إلى المفعول كما في «معرفته».
ومعرفتُه الاعتراف بربوبيّته يوم قال: «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى» . ۱ والمراد بالقوّة على معرفته: انشراح صدورهم للإسلام بعد تعلّقهم بالأبدان، كما في قوله في سورة الأنعام: «فَمَنْ يُرِدْ اللّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْاءِسْلَامِ»۲ .
(وَوَضَعَ عَنْهُمْ ثِقَلَ الْعَمَلِ) . عطفُ تفسير، والمراد بالعمل المعرفة، فإنّها من أعمال القلب، فهذا لا ينافي ما يجيء في «كتاب الجنائز» في أوّل «باب العلّة في غسل الميّت غسل الجنابة» من قول أبي جعفر عليه السلام لمخالف استبصر: «أما أنّ عبادتك يومئذٍ كانت