473
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

والقاف، وهي الموافقة لرواية ابن بابويه في توحيده. ۱(مَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِهِ) يعني معصيتهم المعلومة له أزلاً.
(وَلَمْ يُقْدَرُوا۲) ؛ بصيغة المضارع المجهول من باب نصر وضرب، مأخوذ من القدر بمعنى التدبير مطلقا. والفاعل هو اللّه تعالى. وقدر اللّه تعالى غير عمله تعالى.
(أَنْ يَأْتُوا حَالاً تُنْجِيهِمْ مِنْ عَذَابِهِ) ؛ مرفوع على أنّه بدل اشتمال من الضمير؛ تقول: أتيت الأمر، أي فعلته. والمقصود أنّ قدر اللّه تعالى تعلّق بمعصيتهم ولم يتعلّق بحال تنجيهم من عذابه.
(لِأَنَّ) ؛ تعليل لقوله: «لم يقدروا» إلى آخره.
(عِلْمَهُ) أي علمه الأزلي بأنّهم أهل المعصية على تقدير تسوية اللطف بين جميع المكلّفين.
(أَوْلى بِحَقِيقَةِ التَّصْدِيقِ) أي أولى بأن يعمل بمقتضاه كما هو حقّه.
(وَهُوَ) . راجعٌ إلى ما يفهم من قوله: «ووهب لأهل المعصية» إلى آخره، أو من قوله: «فواقعوا» إلى آخره، أو من قوله: «وهب لأهل محبّته» إلى آخره. ومآل الكلّ واحد.
(مَعْنى «شَاءَ مَا شَاءَ») . الضميران المستتران للّه ، و«ما» نافية، والجملة الثانية معطوفة على الاُولى بحذف العاطف، والنشر على ترتيب اللفّ؛ يعني أنّ هبته تعالى لأهل المعصية القوّة على معصيتهم معنى مشيئته تعالى لمعصيتهم، ومنعه تعالى إيّاهم إطاقة القبول منه معنى عدم مشيئته تعالى لقبولهم منه.
وهذا إشارة إلى تفسير أمثال قوله تعالى في سورة الدهر والتكوير: «وَمَا تَشَاءُونَ إِلَا أَنْ يَشَاءَ اللّهُ»۳ ، وفي سورة يونس: «قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّا وَلَا نَفْعا إِلَا مَا شَاءَ اللّهُ»۴ .

1.التوحيد ، ص ۳۵۴ ، باب السعادة والشقاوة ، ح ۱ .

2.في الكافي المطبوع : «يَقْدِرُوا» بالمعلوم .

3.الإنسان (۷۶) : ۳۰ ؛ التكوير (۸۱) : ۲۹ .

4.يونس (۱۰) : ۴۹ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
472

أخفّ عليك من عبادتك اليوم، لأنّ الحقّ ثقيل، والشيطان موكّل بشيعتنا». ۱(بِحَقِيقَةِ مَا هُمْ أَهْلُهُ) . فيه إشارة إلى تفاوت السعداء في هبة القوّة ووضع الثقل. والحقيقة: المقدار؛ أي وهب لكلّ من أهل محبّته القوّةَ بمقدار ما هو أهله، لا زائدا ولا ناقصا؛ فكذا وضع الثقل عنهم.
(وَوَهَبَ) . إشارةٌ إلى أنّ ذلك باستحقاقهم، فكأنّهم طلبوه فاُعطوا، والهبة بعد تعلّقهم بالأبدان.
(لِأَهْلِ الْمَعْصِيَةِ) أي الذين حكم لهم في علمه الأزلي بمعصيتهم بعد تعلّقهم بالأبدان وإنكارهم المعرفة التي صدرت عنهم يوم التكليف الأوّل.
(الْقُوَّةَ عَلى مَعْصِيَتِهِمْ) أي انشراح صدورهم للكفر وضيقها عن الإسلام، كما في قوله تعالى في سورة النحل: «وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ»۲ ، وفي سورة الأنعام: «وَمَن يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّمَآءِ»۳ .
(لِسَبْقِ عِلْمِهِ فِيهِمْ) أي لعلمه السابق الأزلي بأنّهم يستحقّون هبة القوّة على معصيتهم.
(وَمَنَعَهُمْ) ؛ بصيغة الماضي المعلوم المجرّد.
(إِطَاقَةَ الْقَبُولِ مِنْهُ) أي انشراح صدورهم للقبول من اللّه ؛ يُقال: أطقت الشيء وهو في طوقي، أي في وسعي. وطوّقني اللّه أداء حقّك، أي قوّاني؛ ۴ قال تعالى في سورة البقرة: «رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ»۵ .
(فَوَاقَعُوا) ؛ بالقاف والمهملة؛ أي خالطوا وفعلوا باختيارهم. وفي نسخة بالفاء

1.الأنعام (۶) : ۱۲۵ .

2.الكافي ، ج ۳ ، ص ۱۶۱ ، ح ۱ .

3.النحل (۱۶) : ۱۰۶ .

4.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۵۱۹ ؛ لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۲۳۳ (طوق) .

5.البقرة (۲) : ۲۸۶ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55581
صفحه از 584
پرینت  ارسال به