503
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

الجبر على الفحشاء بطريقٍ أولى. ۱(وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ إِلَيْهِ ) أي مفوّضٌ إليه بأحد فردي التفويض المذكورين في ۲ أوّل الباب.
(فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللّهِ) . ردٌّ على المعتزلة وعلى أبي الحسين البصري.
إن قلت: ورد في الدعاء المأثور: «الخير في يديك، والشرّ ليس إليك». ۳
قلت: معناه أنّ الشرّ ليس متوجّها إليك، وهو إشارة إلى أنّ اللّه أولى بحسنات العبد منه، والعبد أولى بسيّئاته من اللّه . وقد مرَّ تفسيره في آخر «باب المشيئة والإرادة».
ويحتمل أن يكون المراد أنّ الشرّ لا يتقرّب به إليك، ولا يبتغي به وجهك، أو أنّ الشرّ لا يصعد إليك، وإنّما يصعد إليك الخير، كما في قوله تعالى: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ»۴ .
الثالث: (الْحُسَيْنُ،۵عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام ، قَالَ: سَأَلْتُهُ، فَقُلْتُ: اللّهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ) أي العمل في الطاعة والمعصية ونحوهما، والاستفهام مقدّر.
(إِلَى الْعِبَادِ؟) أي إلى كلّ منهم باعتبار أمر نفسهِ.
(قَالَ: اللّهُ أَعَزُّ) أي أغلب قدرةً، وأقوى ملكا (مِنْ ذلِكَ) أي من أن يفوّض.
وهو إشارة إلى دليل عقلي على بطلان كلّ فردي التفويض بأنّه يستلزم إخراج اللّه من سلطانه، وسيجيء تحريره في شرح ثاني «باب الاستطاعة».

1.في «ج» : - «بطريق الكناية» إلى هنا .

2.في «ج» : + «شرح» .

3.الكافي ، ج ۳ ، ص ۳۱۰ ، باب افتتاح الصلاة والحدّ في التكبير ، ح ۷ ؛ الفقيه ، ج ۱ ، ص ۳۰۳ ، ذيل ح ۹۱۶ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۲ ، ص ۶۷ ، ح ۱۲ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۶ ، ص ۲۴ ، ح ۷۲۴۷ .

4.فاطر (۳۵) : ۱۰ .

5.في الكافي المطبوع : + «بن محمّد» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
502

التقديرين يلزم كون خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً، وكون بعث النبيّين عبثا، فقوله: «ذلك» إشارة إلى القدر المشترك بين الجبر والتفويض الملزوم لكون الخلق باطلاً، والبعث عبثا.
وهذه الفقرة إشارة إلى ما في قوله تعالى في سورة ص: «وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِى الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ»۱ .
(فَأَنْشَأَ الشَّيْخُ يَقُولُ:

أَنْتَ الْاءِمَامُ الَّذِي نَرْجُو بِطَاعَتِهِيَوْمَ النَّجَاةِ مِنَ الرَّحْمنِ غُفْرَانا
أَوْضَحْتَ مِنْ أَمْرِنَا مَا كَانَ مُلْتَبِساجَزَاكَ رَبُّكَ بِالْاءِحْسَانِ إِحْسَانا) .
الثاني: (الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: مَنْ زَعَمَ) أي ادّعى. وأكثر ما يستعمل في دعوى الباطل.
(أَنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللّهِ) . قال تعالى في سورة الأعراف: «قُلْ إِنَّ اللّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ»۲ ، ويجيء في «كتاب الحجّة» في تاسع «باب من ادّعى الإمامة وليس لها بأهل» ما يدلّ على أنّ المراد بالأمر التكليف، وأنّ المراد بالفاحشة الايتمام بأئمّة الجور. ۳ والمقصود هنا ۴ الردّ على المذاهب الثلاثة: الجبريّةِ مذهبِ جهم بن صفوان، والأشاعرةِ، وأبي الحسين البصري من المعتزلة بطريق الكناية، فإنّ الجبر على الفحشاء أشدّ قبحا من الأمر بالفحشاء، فكذب دعوى الأمر بالفحشاء يستلزم كذب دعوى

1.الأعراف (۷) : ۲۸ .

2.ص (۳۸) : ۲۷ ـ ۲۸ .

3.في «ج» : «الفحشاء: الخصلة المخالفة للعقل والنقل الصريح . والمراد هنا التصديق بأنّ اللّه جبر عباده على أفعالهم، ومع هذا يعذّب العاصي ويثيب المطيع» بدل «قال تعالى في سورة الأعراف» إلى هنا .

4.في «ج» : - «هنا» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 70212
صفحه از 584
پرینت  ارسال به