والمراد بالإبرام ما يصير الشيء معه بحيث يخرج عن تعلّق القدرة به، وهو بإقامة العين أي إيجاد الشيء في الأعيان أي الموجودات الخارجيّة، وكلّ مفضٍ مبرمٌ لا مطلقا، بل حين مضى وقته، أو إذا أخذ بشرط القضاء، كما مرّ في آخر «باب البداء» عند قوله: «والقضاء بالإمضاء» هو المبرم. وأمّا بدونهما فليس مبرما، لا على العبد؛ لأنّ القضاء قضاء عزم لا قضاء حتم وقد مرّ معناهما في أوّل الباب، ولا على اللّه ؛ لأنّه مختار في القضاء.
ويظهر هذا الفرق من بيانهم الفرقَ بين الضرورة بشرط الوصف، والضرورة حين الوصف.
(قَالَ: فَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أُقَبِّلَ رَأْسَهُ، وَقُلْتُ: فَتَحْتَ لِي شَيْئا كُنْتُ عَنْهُ فِي غَفْلَةٍ) . ذلك لتوهّمه أنّ تعلّق مشيئته تعالى بالمعاصي قبيح، أو يوجب الجبر، فلمّا علم معنى المشيئة، علم أنّها تتعلّق بكلّ كائن بدون جبر وقبيح، وكذا الكلام في الإرادة والقدر والقضاء.
الخامس: (مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: إِنَّ اللّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ) أي المخلوقين.
(فَعَلِمَ) . الفاء للتعقيب باعتبار ضمِّ «وأمرهم ونهاهم» أو للتفريع للدلالة على أنّ الخلق دليل العلم، قال تعالى: «أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ»۱ .
(مَا هُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهِ) من القدرة على كلّ من الفعل والترك.
(وَأَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ) أي لم يكتف بعلمه هذا.
(فَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ شَيْءٍ، فَقَدْ جَعَلَ لَهُمُ السَّبِيلَ إِلى تَرْكِهِ) . ردٌّ على المجبّرة، والفاء للتفريع.
(وَلَا يَكُونُونَ آخِذِينَ) أي فاعلين لشيء.