الاستطاعة لا تستعمل إلّا في المخلوقين ، وتُطلق على معنيين :
الأوّل: سعة القدرة مطلقا، والقدرة التمكّن، وهو مفهوم بديهيّ .
الثاني: القدرة على ما لم تتعلّق بمنافيه مشيئة من لا يكون إلّا ما شاء.
وقد تُطلق على معنى ثالث، كما يجيء في شرح عنوان الباب الآتي .
والمراد بها هنا الثاني مقيّدا بتعلّقه بالفعل والترك معا ، وهو موافق لقول المعتزلة في الأوّل من فردي التفويض، ولا تعجب من القول بالجبر، أو القول بالاستطاعة في أصحابنا؛ إنّ أكثر أهل زماننا من أصحابنا يقولون بالجبر والاستطاعة معا؛ لاختيارهم مذهب أبي الحسين البصري . ۱(قَالَ : فَقَالَ عليه السلام لِي : اكْتُبْ : بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام : قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَا ابْنَ آدَمَ ، بِمَشِيئَتِي كُنْتَ أَنْتَ الَّذِي تَشَاءُ ، وَبِقُوَّتِي أَدَّيْتَ إِلَيَّ فَرَائِضِي ، وَبِنِعْمَتِي قَوِيتَ عَلى مَعْصِيَتِي ؛ جَعَلْتُكَ سَمِيعا بَصِيرا«مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ»،۲وَذلِكَ أَنِّي أَوْلى بِحَسَنَاتِكَ مِنْكَ ، وَأَنْتَ أَوْلى بِسَيِّئَاتِكَ مِنِّي ، وَذلِكَ أَنِّي لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) .
مضى شرحه في سادس «باب المشيئة والإرادة » وحاصله إبطال الجبر وإبطال الاستطاعة واختيار الواسطة، كما مرّ مرارا .
(قَدْ نَظَمْتُ لَكَ كُلَّ شَيْءٍ تُرِيدُ) . من كلام الرضا عليه السلام .
الثالث عشر : (مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللّهِ ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : لَا جَبْرَ وَلَا تَفْوِيضَ) . الجبر القدر المشترك بين مذهب جهم ومذهب الأشاعرة ومذهب الفلاسفة ، ۳ والتفويض مذهب المعتزلة ومن