519
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

وتعالى ـ لم يجبر عباده على المعاصي، ولم يفوّض إليهم أمر الدين حتّى يقولوا فيه بآرائهم ومقاييسهم، فإنّه عزّ وجلّ قد حدّ ووظّف وشرع وفرض وسنّ وأكمل لهم الدين، فلا تفويض مع التحديد والتوظيف والشرع والفرض والسنّة وإكمال الدين . انتهى . ۱
الرابع عشر : (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : اللّهُ أَكْرَمُ) ؛ من الكرم، نقيض اللؤم والنقص .
(مِنْ أَنْ يُكَلِّفَ النَّاسَ مَا لَا يُطِيقُونَ) أي لا يقدرون عليه . يُقال: طاقه طوقا وأطاقه، وعليه، والاسم الطاقة. وقد تُطلق على غير هذا المعنى، كما يجيء في «كتاب الجهاد» في «باب كراهة التعرّض لما لا يطيق» . ۲
وهذا لإبطال مذاهب الجبريّة، فإنّ مذهبهم إمّا عدم القدرة، وإمّا مستلزم لعدم القدرة، كما مرّ في ثامن الباب .
(وَاللّهُ أَعَزُّ) ؛ من العزّ بمعنى القدرة والغلبة .
(مِنْ أَنْ يَكُونَ) ؛ تامّة .
(فِي سُلْطَانِهِ) ؛ مصدر بمعنى سلطنته ، أي ملكه وغلبته .
(مَا لَا يُرِيدُ) . المراد بالإرادة هنا ما مرّ في بيانها في الخصال السبع في أوّل الخامس والعشرين ، ۳ أو الأعمّ من الخصال الأربع الاُول منها؛ فتكون هذه الفقرة ردّا على المفوّضة في الفرد الأوّل من التفويض .
ويحتمل أن يكون المراد بالإرادة أعمّ ممّا ذكر ومن الإذن، فتكون ردّا على المفوّضة في كلا فردي التفويض . وسيجيء تفصيل بيان منافاتهما لسلطان اللّه تعالى وعزّه في شرح ثاني «باب الاستطاعة ».
ويحتمل أن يُراد ب«ما لا يريد» ما يريد عدمه، ولا يمكن هذا إلّا بحمل الإرادة على

1.أي في الحديث ۱ من باب في أنّه لا يكون شيء في السماء والأرض إلّا بسبعة .

2.التوحيد ، ص ۲۰۶ ، بيانه في تفسير أسماء اللّه تعالى .

3.الكافي ، ج ۵ ، ص ۶۳ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
518

تبعهم، ۱ كما مضى في شرح ثامن الباب .
(وَلكِنْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ۲. قُلْتُ : وَمَا أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ؟ قَالَ : مَثَلُ ذلِكَ) ؛ بالميم والمثلّثة المفتوحتين ؛ أي نظير ما نحن فيه الذي يظهر به ما نحن فيه، وليس ممّا نحن فيه .
(رَجُلٌ) أي حال رجل (رَأَيْتَهُ عَلى مَعْصِيَةٍ) أي مشرفا عليها مريدا لها . وهذا نظير علم اللّه بأنّ عبدا يعصي بعد ذلك .
(فَنَهَيْتَهُ) . هذا نظير عدم تفويض اللّه تعالى ۳ الأمر إلى عباده .
(فَلَمْ يَنْتَهِ ، فَتَرَكْتَهُ ، فَفَعَلَ تِلْكَ الْمَعْصِيَةَ) . هذا نظير ۴ الأمر بين الأمرين . والمراد بتركه الرجل أن لا يصدر عنه ما يفضي إلى اختيار الرجل ترك المعصية من الألطاف والإنعامات على تركها مع قدرته على المفضي .
(فَلَيْسَ حَيْثُ لَمْ يَقْبَلْ مِنْكَ۵كُنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَمَرْتَهُ بِالْمَعْصِيَةِ) . هذا نظير عدم جبر اللّه تعالى العباد على أفعالهم .
والفاء للتفريع على نظير عدم التفويض . و«أمرته» بتخفيف الميم، وأمره الرجل بالمعصية نظير جبر اللّه العباد على المعصية، كما يظهر ممّا سننقل في شرح ثاني «باب الاستطاعة» من قول الحسن بن عليّ عليهماالسلام«وإن لم يفعل، فليس هو حملهم عليها إجبارا» .
قيل : قوله : كنت أنت الذي أمرته بالمعصية ؛ يعني كما لا يستلزم الأمر بالمعصية لا يستلزم التفويض انتهى . ۶
وقال ابن بابويه في توحيده في «باب أسماء اللّه تعالى» في معنى الجبّار :
قال الصادق عليه السلام : «لا جبر ولا تفويض، بل أمرٌ بين أمرين » عنى بذلك أنّ اللّه ـ تبارك

1.في الكافي المطبوع : + «قال» .

2.اُنظر منهاج اليقين ، ص ۳۶۶ ، وفي طبعة اُخرى ، ص ۲۳۵ ؛ وكتاب المحصّل للرازي ، ص ۴۵۵ .

3.في «ج» : - «تعالى» .

4.في «ج» : + «علم اللّه بأنّ» .

5.في الكافي المطبوع : + «فَتَرَكْتَهُ» .

6.في حاشية «أ» : «القائل مولانا محمّد أمين الإسترابادي في حواشي الكافي (منه)» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55474
صفحه از 584
پرینت  ارسال به