59
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(قَالَ: وَكَمْ) . تمييزه محذوف، أي كم ذرعا.
(قَدْرُ النَّاظِرِ؟ قَالَ: مِثْلُ الْعَدَسَةِ أَوْ أَقَلُّ مِنْهَا) . ويجيء في «كتاب الأطعمة» في ثاني «باب الحمّص» ۱ وثالثه أنّ العدس هو الحمّص في لغة أهل الحجاز، وحَبٌّ معروف أصغر من الحمّص في لغة أهل العراق؛ يعني إنّي عارف بأنّه ليس ممّا يقاس بالذرع.
(فَقَالَ لَهُ: يَا هِشَامُ، فَانْظُرْ أَمَامَكَ وَفَوْقَكَ وَأَخْبِرْنِي بِمَا تَرى. فَقَالَ:) أي نظر، فقال:
(أَرى سَمَاءً وَأَرْضا وَدُورا) ؛ بضمّ المهملة وسكون الواو: جمع «دار».
(وَقُصُورا) ؛ جمع «قصر».
(وَبَرَارِيَ وَجِبَالاً وَأَنْهَارا. فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِنَّ الَّذِي قَدَرَ أَنْ يُدْخِلَ الَّذِي تَرَاهُ الْعَدَسَةَ) . المراد مثل العدسة.
(أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا قَادِرٌ أَنْ يُدْخِلَ الدُّنْيَا كُلَّهَا الْبَيْضَةَ لَا يُصَغِّرُ۲الدُّنْيَا وَلَا يُكَبِّرُ۳الْبَيْضَةُ) .
(فَأَكَبَّ هِشَامٌ) . يُقال: كبّه كنصره وأكبّه، أي صرعه لوجهه فأكبّ هو. وهذا من النوادر أن يكون «فَعَلَ» متعدّيا البتّة، و«أفعل» لازما.
(عَلَيْهِ) : على أبي عبداللّه عليه السلام .
(وَقَبَّلَ يَدَيْهِ وَرَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ، وَقَالَ: حَسْبِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، وَانْصَرَفَ إِلى مَنْزِلِهِ) . حسبي ـ بفتح الحاء وسكون السين المهملتين والموحّدة ـ مضاف إلى ياء المتكلّم خبر مبتدأ محذوف؛ أي هذا كاف لي، يعني تفطّنت بما أشرتَ إليه، ولا حاجة لي إلى تفصيله.
حاصل الجواب: النقض الإجمالي بحيث يظهر منه الحلّ أيضا، وتقرير النقض أنّه لو تمّ هذا الاستدلال، لزم أن لا يدرك الناظر جسما أكبر منه؛ لأنّ الناظر جسم بالاتّفاق، وبطلان اللازم ضروري.
وتقرير الحلّ: أنّ إدراك الناظر جسما أكبر منه إن كان بدخول الأكبر في حيّز الأصغر

1.في الكافي المطبوع : «تَكْبُرُ» .

2.في الكافي المطبوع : «تَصْغُرُ» .

3.الكافي ، ج ۶ ، ص ۳۴۲ ، باب الحمّص ، ح ۲ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
58

منها؛ لأنّه يستلزم دخول الأكبر كلّه في حيّز الأصغر بدون تكبير ولا تصغير، وهو محال بالذات؛ وذلك لأنّ إدراك الجسم جسما لا يتصوّر إلّا بمماسّة الأوّل جميع أجزاء الثاني.
(قَالَ هِشَامٌ: النَّظِرَةَ) ؛ بفتح النون وكسر المعجمة: التأخير والإمهال؛ أي أطلب منك النظرة.
(فَقَالَ لَهُ: قَدْ أَنْظَرْتُكَ حَوْلاً) ؛ بالفتح، أي سنةً. توهّم أنّه لا يقدر على جوابه أحدٌ.
(ثُمَّ خَرَجَ عَنْهُ. فَرَكِبَ هِشَامٌ إِلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ) أي للدخول عليه.
(فَأَذِنَ لَهُ) ؛ بفتح الهمزة أو ضمّها.
(فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ،۱أَتَانِي عَبْدُ اللّهِ الدَّيَصَانِيُّ بِمَسْأَلَةٍ لَيْسَ الْمُعَوَّلُ) ؛ مصدر ميمي من باب التفعيل.
(فِيهَا إِلَا عَلَى اللّهِ وَعَلَيْكَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : عَمَّا ذَا سَأَلَكَ؟ فَقَالَ: قَالَ لِي: كَيْتَ وَكَيْتَ) ؛ لفظ محمّد بن إسحاق، كنّى بهما عن الحكاية بتمامها، و«كيت» ـ بفتح الكاف وسكون الخاتمة وفتح المثنّاة فوق وكسرها وضمّها ـ لا تستعمل إلّا مكرّرة بواو العطف.
(فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : يَا هِشَامُ،۲كَمْ حَوَاسُّكَ؟ قَالَ: خَمْسٌ) . هي: الباصرة، واللامسة، والذائقة، والسامعة، والشامّة.
وظاهر هذا إبطال ما أثبته الفلاسفة من الحواسّ الخمس الباطنة، وزعموا أنّ الحواسّ عشر، ۳ ويؤيّده ما يجيء في الآتي من قوله عليه السلام : «لا يدرك بالحواسّ الخمس».
(قَالَ: أَيُّهَا أَصْغَرُ؟ قَالَ: النَّاظِرُ) أي الباصرة. والناظر ما في المقلة من السواد الأصغر الذي فيه إنسان العين، وصِغره بالنسبة إلى محلّ اللامسة والذائقة ظاهر، وأمّا بالنسبة إلى محلّ السامعة والشامّة، فإمّا باعتبار أنّ فضاء الصِماخ والمنخر أكبر من الناظر، وهما محلّان لهما في الظاهر، وإمّا باعتبار الحقيقة.

1.في النسختين : + «صلى اللّه عليه و آله» .

2.في النسختين : - «يا هشام» .

3.حكاه في شرح المقاصد ، ج ۲ ، ص ۲۲ ؛ الحكمة المتعالية ، ج ۹ ، ص ۵۶ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 71386
صفحه از 584
پرینت  ارسال به