63
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(فَأَطْرَقَ مَلِيّا) ؛ بفتح الميم وكسر اللام وتشديد الخاتمة؛ أي طويلاً من الزمان ليتفكّر في الشقوق، ويتعرّف الحقّ.
(ثُمَّ) بعد مدّة (قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ۱أَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ إِمَامٌ وَحُجَّةٌ۲مِنَ اللّهِ عَلى خَلْقِهِ) . عرف ذلك من مباحثاته قبل ذلك مع العلماء المنتسبين إلى الإسلام والفرق بين أجوبتهم وجوابه عليه السلام .
(وَأَنَا تَائِبٌ مِمَّا كُنْتُ فِيهِ) من الزندقة.
الخامس: (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ) ؛ بضمّ الفاء وفتح القاف وسكون الخاتمة نسبة إلى فقيم دارم، والنسبة إلى فقيم كنانة ـ الذين هم نسَأة الشهور ۳ في الجاهليّة ـ فُقَمي بحذف الخاتمة. ۴(عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ فِي حَدِيثِ الزِّنْدِيقِ الَّذِي أَتى أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ) قوله: (وَكَانَ مِنْ قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام :) لفظُ هشام؛ كأنّ الزنديق قال قبل بيان حدوث العالم وإثبات المحدث: لو كان للعالم محدِث مثبتِ جاز كون المحدث المثبت له اثنين.
فاستدلّ عليه السلام على نفيه بثلاثة أدلّة: النظر في أوّلها: في قدرة المحدث، وفي ثانيها: في علمه، وفي ثالثها: في إرادته.

الدليل الأوّل:

(لَا يَخْلُو قَوْلُكَ: «إِنَّهُمَا اثْنَانِ» مِنْ أَنْ يَكُونَا قَدِيمَيْنِ) . حاصله أنّ المحدث المثبت للعالم يستحيل بديهةً أن يكون ناقصا، والاثنينيّة فيه يستلزم النقص؛ لأنّه لو كانا اثنين فلا شكّ أنّ كلّاً منهما قديم؛ لأنّ الاحتياج في الوجود إلى الغير أصل كلّ نقص، فلم يكن

1.في الكافي المطبوع : - «أشهد» .

2.في النسختين : «حجّة» بدون الواو .

3.قال الجوهرى : «ورجل ناسئ وقوم نسأة ، مثل : فاسق وفسقة ، وذلك أنّهم كانوا إذا صدروا عن منى يقوم رجل من كنانة فيقول : أنا الذي لا يردّ لي قضاء ، فيقولون : أنسئنا شهر ، أي آخرّ عنّا حرمة المحرم واجعلها في صفر ؛ لأنّهم كانوا يكرهون أن تتوالى عليهم ثلاثة أشهر لا يغيّرون فيها ؛ لأنّ معاشهم كان من الغارة فيحلّ لهم المحرم». الصحاح ، ج ۱ ، ص ۷۷ (نسأ) .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۶۰ ؛ تاج العروس ، ج ۱۷ ، ص ۵۴۳ (فقم) .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
62

والمراد بحالها الحال اللائقة بها، الدالّة على حكمة فاعلها بقول: «كُن».
(لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا خَارِجٌ مُصْلِحٌ؛ فَيُخْبَرُ عَنْ صَلَاحِهَا، وَ لم يَدْخُلْ۱دَخَلَ فِيهَا مُفْسِدٌ؛ فَيُخْبَرَ عَنْ فَسَادِهَا) . استئناف بياني لقوله: «فهي على حالها». والمراد أنّها غير فاقدة لشيء مصلح لها؛ أي شيء رُوعي فيه الحكمة، ولم تشتمل على مفسد؛ أي شيء هو خلاف مقتضى الحكمة.
وقوله: «فيخبر عن صلاحها» تفريع على النفي، فهو مرفوع مثل: لم يخرج من قلب زيد شرط للإيمان فيدخلُ الجنّة. والفعل بصيغة المجهول من باب الإفعال، والظرف نائب الفاعل. والمراد أنّ كلّ عاقل يخبر عن أنّها مشتملة على جميع ما ينبغي لها من المصالح.
وقوله: «فيخبر عن فسادها» تفريع على المنفيّ، فهو منصوب، مثل: لم يدخل في قلب زيد مناف للإيمان فيدخلَ النار. والفعل هنا أيضا بصيغة المجهول من باب الإفعال، والظرف نائب الفاعل. والمراد أنّه لا يخبر عاقل عن أنّها مشتملة على شيء لا يوافق حكمة فاعلها.
(لَا يُدْرى ألِلذَّكَرِ۲خُلِقَتْ أَمْ لِلْأُنْثى) ، لتشابهها وتشابه جزءيها.
(وَ۳تَنْفَلِقُ عَنْ مِثْلِ أَلْوَانِ الطَّوَاوِيسِ) ؛ جمع طاووس: طائرٌ معروف ذو ألوان عجيبة.
(أَتَرى لَهَا مُدَبِّرا؟) . الاستفهام تقريري؛ أي معلوم ضرورةَ أنّ هذه الاختلافاتِ في الكيف، الحاصلةَ في أجزاء منّي الديكة والدجاجة حين كونه حصنا، وحين كونه مثل الطواويس ليس من طبع المنّي، ولا من غيره ممّا لا علم له، كيف لا وقد رُوعي فيما نحن فيه جميع تلك الحِكَم والمصالح، وأنّه على تقدير القول بالمدبّر ليس مدبّرها الدجاجةَ الموكّلة بها، ولا الإنسانَ، ولا نحوَ ذلك من المباشرين، بل مدبّرها من ليس له في تدبيره آلة ومباشرة وفعل علاجي، فيستحيل عليه النقض بديهةً، ويكون قادرا على كلّ ممكن؛ لأنّ التعذّر نقص، فيكون كلّ جزء من العالم حادثا؛ لأنّ القديم غير مقدور كما مرّ في شرح عنوان الباب.

1.في الكافي المطبوع : «ولا دَخَلَ» .

2.في الكافي المطبوع : «للذكر» .

3.في الكافي المطبوع : - «و» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 71301
صفحه از 584
پرینت  ارسال به