(فَأَطْرَقَ مَلِيّا) ؛ بفتح الميم وكسر اللام وتشديد الخاتمة؛ أي طويلاً من الزمان ليتفكّر في الشقوق، ويتعرّف الحقّ.
(ثُمَّ) بعد مدّة (قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ۱أَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ إِمَامٌ وَحُجَّةٌ۲مِنَ اللّهِ عَلى خَلْقِهِ) . عرف ذلك من مباحثاته قبل ذلك مع العلماء المنتسبين إلى الإسلام والفرق بين أجوبتهم وجوابه عليه السلام .
(وَأَنَا تَائِبٌ مِمَّا كُنْتُ فِيهِ) من الزندقة.
الخامس: (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ) ؛ بضمّ الفاء وفتح القاف وسكون الخاتمة نسبة إلى فقيم دارم، والنسبة إلى فقيم كنانة ـ الذين هم نسَأة الشهور ۳ في الجاهليّة ـ فُقَمي بحذف الخاتمة. ۴(عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ فِي حَدِيثِ الزِّنْدِيقِ الَّذِي أَتى أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ) قوله: (وَكَانَ مِنْ قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام :) لفظُ هشام؛ كأنّ الزنديق قال قبل بيان حدوث العالم وإثبات المحدث: لو كان للعالم محدِث مثبتِ جاز كون المحدث المثبت له اثنين.
فاستدلّ عليه السلام على نفيه بثلاثة أدلّة: النظر في أوّلها: في قدرة المحدث، وفي ثانيها: في علمه، وفي ثالثها: في إرادته.
الدليل الأوّل:
(لَا يَخْلُو قَوْلُكَ: «إِنَّهُمَا اثْنَانِ» مِنْ أَنْ يَكُونَا قَدِيمَيْنِ) . حاصله أنّ المحدث المثبت للعالم يستحيل بديهةً أن يكون ناقصا، والاثنينيّة فيه يستلزم النقص؛ لأنّه لو كانا اثنين فلا شكّ أنّ كلّاً منهما قديم؛ لأنّ الاحتياج في الوجود إلى الغير أصل كلّ نقص، فلم يكن
1.في الكافي المطبوع : - «أشهد» .
2.في النسختين : «حجّة» بدون الواو .
3.قال الجوهرى : «ورجل ناسئ وقوم نسأة ، مثل : فاسق وفسقة ، وذلك أنّهم كانوا إذا صدروا عن منى يقوم رجل من كنانة فيقول : أنا الذي لا يردّ لي قضاء ، فيقولون : أنسئنا شهر ، أي آخرّ عنّا حرمة المحرم واجعلها في صفر ؛ لأنّهم كانوا يكرهون أن تتوالى عليهم ثلاثة أشهر لا يغيّرون فيها ؛ لأنّ معاشهم كان من الغارة فيحلّ لهم المحرم». الصحاح ، ج ۱ ، ص ۷۷ (نسأ) .
4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۶۰ ؛ تاج العروس ، ج ۱۷ ، ص ۵۴۳ (فقم) .