فعله الاختياري. ۱
وإنّما التزموا ذلك لحكمهم بتقدّم قدرة العبد على وقت الفعل والترك ، والقدرة لا يمكن تحقّقها إلّا مع استجماع العلّة التامّة حقيقةً أو حكما؛ وهو أن يكون ما لم يوجد بعدُ من المقدورات منها باختياره. وسيجيء تفصيل المبحث في أوّل «باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين» وثاني «باب الاستطاعة».
(وَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَوِيٌّ) أي على كلّ ممكن في نفسه (وَالْاخَرَ ضَعِيفٌ) أي في ممكن ما.
(ثَبَتَ أَنَّهُ) أي المحدث المثبت للعالم (وَاحِدٌ كَمَا نَقُولُ؛ لِلْعَجْزِ الظَّاهِرِ فِي الثَّانِي) . يعني أنّ الضعف ـ وإن كان مجامعا لأصل القدرة ـ مستلزم للعجز عن ممكن ما في نفسه استلزاما ظاهرا؛ لأنّ القادر على فعلٍ الضعيفَ فيه عاجزٌ عن عدم ضدّه في وقته، أي هو باختيار غيره؛ إن شاء فعل الضدّ وأخرجه عن أصل القدرة، وإن شاء لم يفعل ويكون قادرا حينئذٍ. وظاهر أنّ العجز نقص، وبطلان الشقّ الثالث مستلزم لبطلان الشقّ الثاني بطريقٍ أولى، ولذا لم يذكره.
الدليل الثاني:
(وَإِنْ۲قُلْتَ: إِنَّهُمَا اثْنَانِ، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَا مُتَّفِقَيْنِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ) أي أن يكون كلّ منهما محدثا لكلّ ما أحدثه الآخر. وبطلان هذا ظاهر؛ لأنّ تعلّق إيجادين بموجود واحد شخصي بسيط بديهيُّ الاستحالة، ولذا لم يتعرّض لإبطاله.
(أَوْ مُفْتَرِقَيْنِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ) أي أن لا يكون واحد منهما محدثا لشيء ممّا أحدثه الآخر أصلاً.
ولم يتعرّض لشقّ ثالث هو أن يكونا متّفقين من جهة ومفترقين من جهة؛ لأنّه