وأمّا الثاني فلأنّه يكون ترك الآخر له مع ترك الأوّل قبيحا وخلاف الحكمة، فيستلزم علم كلّ منهما بنقص في الآخر.
الدليل الثالث:
(ثُمَّ يَلْزَمُكَ) ؛ بفتح الخاتمة من باب علم. وإنّما زاد هذا ولم يقل: «وإن ادّعيت اثنين فلابدّ من فرجة» إلى آخره، إشارةً إلى أنّ هذا الدليل شريك مع الدليل الثاني في الشقّين، وإنّما الفرق في إبطال الشقّ الثاني منه بدليل آخر، فهو معطوف بالمعنى على قوله: «فلمّا رأينا الخلق» إلى آخره.
(إِنِ ادَّعَيْتَ) ؛ بكسر الهمز شرطيّة، أو بفتحها مصدريّة، والمصدر نائب ظرف الزمان؛ أي حين ادّعيت، أو بتقدير اللام، أي لأن ادّعيت.
(اثْنَيْنِ) مفترقين من كلّ جهة.
(فُرْجَةٌ) ؛ بالضمّ فاعل «يلزمك»، وأصلها الشقّ بين أجزاء الحائط. والمراد هنا ثالث يعيّن بعض أجزاء العالم لواحدٍ منهما، وبعضا آخر من أجزاء العالم للآخَر منهما، تشبيها لهما بجسمين بينهما جسم.
(مَّا) ؛ للإيهام. ۱(بَيْنَهُمَا حَتّى يَكُونَا) أي المدبّران.
(اثْنَيْنِ) ؛ لامتناع الإرادة والترجيح من جهة الأوّلين، فإنّ كلّاً منهما مستقلّ بالقدرة، غنيّ من كلّ جهة، إنّما يريد شيئا للحكمة لا لنفع راجع إليه، فلو لم يكن فرجة كان فعله هذا لبعض دون البعض الآخر ترجيحا بلا مرجّح، نظير ما فرضوه في نحو: رغيفي الجائع.
(فَصَارَتِ الْفُرْجَةُ ثَالِثا بَيْنَهُمَا، قَدِيما مَعَهُمَا ، فَيَلْزَمُكَ) بالخاتمة (ثَلَاثَةٌ) ؛ بالرفع، أي فيلزم خلاف الفرض، وهو أن يكون المدبّر ثلاثة، لأنّه لو لم يكن التعيين والتمييز صادرا عن الثالث على سبيل التدبير، كان على سبيل الإيجاب، كالتأثيرات الطبيعيّة عندهم؛ فيلزم أن لا يكون أحدهما قادرا أصلاً؛ لأنّ أثر الطبيعة لو أمكن تحقّقه وجب