71
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

كان خاليا لم يكن للطير طيران في الجوّ لا بصفٍّ ۱ ولا بقبضٍ، فما يمسكهنّ إلّا الرحمن، وكخلق الإنسان وأعضائه وعروقه وأحشائه وعضلاته وآلات القبض والبسط ونحو ذلك ممّا لا يتأتّى من شيء غير ذي علمٍ وحكمة.
ويحتمل أن يُراد بالأفاعيل الحوادث التي يعلم كلّ ناظر فيها أنّها ليست بسبب من الطبائع؛ لكمال ظهور أمرها كتصريف الرياح العواصف، وتسخير السُّحب الثقال القواصف ۲ ونحو ذلك، سواء علم الحكمة فيه، أم لا.
ويحتمل أن يُراد بالأفاعيل كلّ حادثٍ من حوادث العالم. ويرجع الدليل إلى ما حرّرناه في الدليل الثاني من أوّل الباب.
(دَلَّتْ) . ۳ استئناف بياني للجملة السابقة، أو خبر «وجود» والتأنيث باعتبار المضاف إليه.
(عَلى أَنَّ صَانِعا) أي صانعا عظيما، وهو ما لا يكون فعله بآلة ومباشرة وفعل علاجي، ولا يمكن فيه نقص.
(صَنَعَهَا، أَلَا تَرى أَنَّكَ إِذَا نَظَرْتَ إِلى بَنَاءٍ۴) ؛ بفتح الموحّدة والنون والمدّ مصدر استعمل في المفعول، أي ما بني كقصر وبيت.
(مَشِيدٍ۵) ؛ بفتح الميم وكسر المعجمة وسكون الخاتمة، أو بضمّ الميم وفتح المعجمة وتشديد الخاتمة المفتوحة. والشيد بالكسر: كلّ شيء طليتَ به الحائط من جصّ أو ملاط. وبالفتح المصدر تقول: شاده يشيده شيدا، أي جصَّصَه. والمشيد: المعمول بالشيد كقوله تعالى: «وَقَصْرٍ مَشِيدٍ»۶ ، والمُشَيَّد بالتشديد: المطوّل ۷
كقوله

1.الصفّ : أن يبسط الطائر جناحيه . القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۱۶۲ (صفف) .

2.قصف الرعد وغيره قصيفا : اشتدّ صوته . القاموس ، ج ۳ ، ص ۱۸۵ (قصف) .

3.في حاشية «أ» : «في كتاب التوحيد : (وجود الأفاعيل التي دلّت) فوجود خبر مبتدأ محذوف ودلّت صلة التي» .

4.في الكافي المطبوع : «بناء» بكسر الباء .

5.في الكافي المطبوع : «مُشَيَّد» .

6.الحجّ (۲۲) : ۴۵ .

7.غريب الحديث لابن سلام ، ج ۲ ، ص ۷۳ ؛ الصحاح ، ج ۲ ، ص ۴۹۵ ؛ لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۲۴۴ (شيد) .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
70

(فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : وُجُودُ) ؛ مصدر «وجده»: إذا أدركه، وهو خبر مبتدأ محذوف، أي الدليل وجود؛ أو مبتدأ.
(الْأَفَاعِيلِ) ؛ جمع اُفعولة، ۱ وهي الفعل العجيب؛ تقول: إنّ الرُشا تفعل الأفاعيل وتنسئ إبراهيم وإسماعيل؛ أي الأعاجيب. ۲
والمراد بها كلّ ما فيه الحكمة من العالم، فلا يمكن أن يكون بلا فاعل، ولا أن يكون فاعله بلا تدبير ككون الجبال أوتادا؛ أي لئلّا يتحرّك الأرض التي جعل مركز ثقلها في وسطها؛ إمّا تقديرا، وذلك إن كانت الأرض كقطعة من وجه كرة، كما هو ظاهر الخطابات الشرعيّة كدحو الأرض ۳ ومدّها وفرشها؛ ۴ وإمّا تحقيقا، وذلك إن كانت كرةً تامّة مصمتة، كما زعمه الفلاسفة ۵ بالأمواج والعواصف ۶ حركة وضعيّة هي الزلزلة، وذلك بجعل الجبال صخورا لا تتفتّت بالرياح، وجعلها أوتادا للأرض مغروزة في الهواء الذي فيه معاوقة في الجملة، وفي الماء الذي فيه معاوقة أكثر، فتجبر تلك المعاوقة باعتبار كثرة الجبال جدّا ما كاد ۷ أن يحصل من الزلزلة بالرياح والأمواج، فإنّ زلزلة الأرض بجميعها تحتاج حينئذٍ إلى خرق هواء كثير وماء كثير جدّا، وإذا نسف اللّه الجبال نسفا ۸ وقع زلزلة الساعةَ، وكخلق الهواء المعاوق في الجملة في الجوّ، ۹ فإنّه لو

1.في تاج العروس : «اُفعول» .

2.تاج العروس ، ج ۱۵ ، ص ۵۸۵ (فعل) .

3.دحا اللّه الأرض بدحوها ويدحاها دحوا : بسطها. القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۲۷ (دحا) .

4.كما في سورة النازعات (۷۹) : ۳۰ ، وسورة الحجر (۱۵) : ۱۹ ، وسورة ق (۵۰) : ۷ ، وسورة الذاريات (۵۱) : ۴۸ .

5.المواقف ، ج ۲ ، ص ۴۳۷ ؛ الحكمة المتعالية ، ج ۵ ، ص ۱۶۹ ؛ المبدأ والمعاد ، ص ۴۹۷ ؛ بحار الأنوار ، ج ۵۶ ، ص ۳۸۹ .

6.عصفت الريح تعصف : اشتدّت . وفي يوم عاصف ، أي تعصف فيه الريح ؛ فاعل بمعنى مفعول . القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۱۷۶ (عصف) .

7.في حاشية «أ» : «مفعول : تجبر» .

8.نسف البناء ينسفه : قلعه من أصله . والجبال : دكّها وذرأها . القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۱۹۹ (نسف) .

9.في حاشية «أ» : «الجوّ على ما في القاموس داخل البيت ، والمراد هنا بين السماء والأرض» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 70956
صفحه از 584
پرینت  ارسال به