73
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

والمراد «بحقيقة الشيئيّة» أن يكون له مائيّةٌ وإنّيّة متغايران حقيقةً، أي أن لا يكون نفس الإنّيّة؛ لأنّها أمر اعتباري معدوم في الخارج لا يمكن أن يقوم بنفسه. ۱
فهذا ردّ للقول بأنّه تعالى وجود قائم بنفسه قياما مجازيّا بمعنى عدم القيام بالغير.
ويحتمل أن يكون المراد بحقيقة الشيئيّة ما وضع له لفظ الشيئيّة في اللغة، وهو الذي يفهمه كلّ من عرف اللغة من الصبيان وغيرهم؛ إذ ليس حقيقة الشيئيّة وراء هذا المفهوم لكلّ أحد، وهو ثبوت الوجود لغيره.
فهذا ردّ للقول بأنّ لفظ «الشيء» و«الموجود» فيه تعالى مجاز، ۲ وللقول بأنّ ما نفهمه من لفظ «الشيئيّة» و«الوجود» عرضي للأفراد، وحقيقة الشيئيّة والوجود أمرٌ آخر هو عين ذاته تعالى. ۳ وسيجيء تفصيل إبطاله في سادس الباب الثاني. ۴(غَيْرَ) ؛ بالنصب أو الفتح للاستثناء المنقطع، استدراك عمّا قبله لدفع ما تتسارع الأذهان العامّيّة ۵ إليه بسبب إطلاق لفظ «شيء» عليه من التشبيه.
(أَنَّهُ) ؛ بالفتح والتشديد، والضمير للّه .
(لَا جِسْمٌ) ؛ مرفوع على خبريّة «أنّ» و«لا» للنفي مهملة. والمراد بالجسم هذا الطويل العريض العميق، لا من حيث يلاحظ له شكل حسن، ولا لطافة وصفاء؛ فإنّه من حيث الشكل يسمّى «صورة» ومن حيث اللطافة والصفاء «جوهرا».
(وَلَا صُورَةٌ) . أصل الصورة الشكل، وهو هيئة الإنسان وغيره. والمراد هنا الطويل العريض العميق من حيث إنّ له شكلاً حسنا. ويجيء في «باب النهي عن الجسم والصورة».
(وَلَا يُحَسُّ) ؛ بالمهملتين مضاعف مبنيّ للمفعول من باب نصر، أو باب الإفعال، معطوف على قوله: «لا جسم»، استدلال على أنّه لا يصحّ السؤال عن حقيقته ب«ما هو»

1.في «ج» : «هذا» .

2.اُنظر الحكمة المتعالية ، ج ۷ ، ص ۳۴۹ .

3.أي الحديث ۶ من باب إطلاق القول بأنّه شيء .

4.في حاشية «أ» : «كذا أفاد سلمه اللّه » .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
72

تعالى: «فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ» . ۱(مَبْنِيٍّ) أي مرعيّ في بنائه المصالحُ من التناظر بين أجزائه وأبوابه ونحو ذلك.
(عَلِمْتَ أَنَّ لَهُ بَانِيا) أي علمت أنّه ليس من فعل غير ذي علمٍ كالطبيعة، وأنّ له بانيا ماهرا في البناء.
(وَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَرَ الْبَانِيَ وَلَمْ تُشَاهِدْهُ؟) . المشاهدة: المعاينة، وهي الرؤية المتكرّرة؛ أي لم تشاهد بناءه المبنيّ. ۲(قَالَ: فَمَا هُوَ؟) . سؤال عن حقيقته.
(قَالَ: شَيْءٌ) أي كائن في نفسه في الخارج.
(بِخِلَافِ الْأَشْيَاءِ) أي لا يعرف بحقيقته، إنّما يُعرف بنعوته؛ لأنّه خلاف الأشياء. وحاصل الدليل ما يجيء في أوّل الباب الثاني ۳ في شرح قوله: «وكيف تدركه الأوهام وهو خلاف ما يعقل» إلى آخره. ونظيره قوله تعالى حكايةً عن فرعون وموسى قال: «وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ... قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمْ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ»۴ ؛ لتوهّمه أنّ الجواب غير مطابق للسؤال، ومعنى المخالفة لها أن لا يكون بينهما مشترك ذاتي، وهو ما يفهم من قوله: «غير أنّه» إلى آخره.
(أَرْجِعْ) ؛ بصيغة المتكلّم وحده، أي أقصد.
(بِقَوْلِي) أي بشيء بخلاف الأشياء.
(إِلى إِثْبَاتِ مَعْنىً) أي كائن في الخارج في نفسه.
(وَأَنَّهُ) أي وإلى أنّ ذلك المعنى وهو كالتفسير لقوله: «معنى».
(شَيْءٌ بِحَقِيقَةِ الشَّيْئِيَّةِ) . إلى هنا مرجع قوله: «شيء» وما بعده مرجع قوله: «بخلاف الأشياء».

1.النساء (۴) : ۷۸ .

2.في حاشية «أ» : «مفعول له لبنائه» .

3.أي الحديث ۲ من باب إطلاق القول بأنّه شيء .

4.الشعراء (۲۶) : ۲۳ ـ ۲۷ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 70899
صفحه از 584
پرینت  ارسال به