(أَنْ يُقَالَ لِلّهِ: إِنَّهُ شَيْءٌ؟) أي ذات ثبت له الكون بدون اعتبار خصوصيّة في الذات، كما قالوا في مفهوم المشتقّات، فللاستفهام هنا معادلان:
الأوّل: أن يُقال: إنّه تعالى نفس الكون.
الثاني: أن تعتبر في ذاته خصوصيّة مدركة لنا.
(قَالَ: نَعَمْ، يُخْرِجُهُ) ؛ بالخاتمة للمضارع، والضميرُ المرفوع المستتر للقول، والمنصوبُ البارز للّه .
(مِنَ الْحَدَّيْنِ: حَدِّ التَّعْطِيلِ، وَحَدِّ التَّشْبِيهِ۱) . الحدّ: الطرف، والتعطيل: الإخلاء وترك الشيء ضياعا. والمراد به الإخلاء من الوجود بأن يُقال: إنّه تعالى نفس الوجود؛ وذلك لبداهة أنّه لا يفهم من الوجود ومرادفاته في اللغات إلّا أمر اعتباري مشترك معنوي بين جميع الموجودات، غير ممكن القيام بنفسه.
وإنكارُ هذا بالقول بأنّه تعالى وجودٌ قائم بنفسه قياما مجازيّا بمعنى عدم القيام بالغير، أو بالقول بأنّ الوجود مشترك ۲ لفظي خروجٌ عن جبلّة الإنسان، والتشبيهُ القولُ بأنّه تعالى جسم، وذلك بالقول بأنّه يمكن لغيره تعالى إدراك ذاته تعالى كما فصّل في أوّل الباب.
والمراد بإخراجه من الحدَّين جعله بين الحدّين، وجملة «يخرجه» إلى آخره استئناف بيانيّ تعليلي، يعني لولا هذا القول لدخل في حدّ التعطيل أو حدّ التشبيه، ولو جعل معادل الاستفهام الأوّل فقط، كان المراد أنّه لولا هذا القول لم يخرج من الحدّين معا وإن كان خارجا من الثاني.