81
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(أَنْ يُقَالَ لِلّهِ: إِنَّهُ شَيْءٌ؟) أي ذات ثبت له الكون بدون اعتبار خصوصيّة في الذات، كما قالوا في مفهوم المشتقّات، فللاستفهام هنا معادلان:
الأوّل: أن يُقال: إنّه تعالى نفس الكون.
الثاني: أن تعتبر في ذاته خصوصيّة مدركة لنا.
(قَالَ: نَعَمْ، يُخْرِجُهُ) ؛ بالخاتمة للمضارع، والضميرُ المرفوع المستتر للقول، والمنصوبُ البارز للّه .
(مِنَ الْحَدَّيْنِ: حَدِّ التَّعْطِيلِ، وَحَدِّ التَّشْبِيهِ۱) . الحدّ: الطرف، والتعطيل: الإخلاء وترك الشيء ضياعا. والمراد به الإخلاء من الوجود بأن يُقال: إنّه تعالى نفس الوجود؛ وذلك لبداهة أنّه لا يفهم من الوجود ومرادفاته في اللغات إلّا أمر اعتباري مشترك معنوي بين جميع الموجودات، غير ممكن القيام بنفسه.
وإنكارُ هذا بالقول بأنّه تعالى وجودٌ قائم بنفسه قياما مجازيّا بمعنى عدم القيام بالغير، أو بالقول بأنّ الوجود مشترك ۲ لفظي خروجٌ عن جبلّة الإنسان، والتشبيهُ القولُ بأنّه تعالى جسم، وذلك بالقول بأنّه يمكن لغيره تعالى إدراك ذاته تعالى كما فصّل في أوّل الباب.
والمراد بإخراجه من الحدَّين جعله بين الحدّين، وجملة «يخرجه» إلى آخره استئناف بيانيّ تعليلي، يعني لولا هذا القول لدخل في حدّ التعطيل أو حدّ التشبيه، ولو جعل معادل الاستفهام الأوّل فقط، كان المراد أنّه لولا هذا القول لم يخرج من الحدّين معا وإن كان خارجا من الثاني.

1.في حاشية «أ» : «لما ذلّ السؤال على أنّ السائل إنّما نفى التشبيه عن اللّه ـ جلّ جلاله ـ أجاب عليه السلام بقوله : يخرجه من الحدّين ، وإلّا فإطلاق الردّ عليه إخراج له من حدّ التعطيل فقط ، فينبغي أن يقال : شيء لا كالأشياء». الوافي ، ج ۱ ، ص ۳۳۴ .

2.بمعنى أنّ الوجود فيه تعالى غير الوجود في غيره .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
80

السوفسطائيّة ۱ المنكِرين للعلوم.
(وَ۲لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ) ؛ بصيغة المعلوم من باب الإفعال؛ أي لا يماثله في الاسم الجامد المحض كالبلّور والزمرّد. وهذا ناظر إلى قوله: «ولا محدود».
(وَلَا تُدْرِكُهُ الْأَوْهَامُ) . المراد بالأوهام هنا أذهان أهل البدع والأهواء، كالأشاعرة المدّعين أنّهم يرون اللّه بأعينهم في الآخرة. ۳ وقد يستعمل الأوهام مطلقة.
(وَ۴كَيْفَ تُدْرِكُهُ الْأَوْهَامُ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُعْقَلُ، وَخِلَافُ مَا يُتَصَوَّرُ فِي الْأَوْهَامِ؟!) . استدلال بقوله تعالى في سورة الأنعام: «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ» ، ۵ ويجيء في التاسع والعاشر والحادي عشر من «باب في إبطال الرؤية».
والمراد ب«ما يعقل» ما يتصوّر في أذهان أهل الحقّ. وذكر قسمي الأذهان على حدة للإشارة إلى أنّه إذا لم يدركه أذهان أهل الحقّ، لم يدركه أذهان أهل الباطل بطريقٍ أولى.
(إِنَّمَا يُتَوَهَّمُ شَيْءٌ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَلَا مَحْدُودٍ) . إعادة للحقّ بعنوان الحصر ليثبت الأمر بين الأمرين بعد ما ثبت بطلان الأمرين؛ أي حدّي التعطيل والتقييد ليكون فذلكةً للمبحث، فهو استئناف بياني.
الثاني: (مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ،۶عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه السلام : يَجُوزُ) ؛ بصيغة المضارع المعلوم الغائب من باب نصر بتقدير القول والاستفهام.

1.السفسطة : قياس مركّب من الوهميّات ، والغرض منه إفحام الخصم وإسكاته . والسوفسطائية : فرقة ينكرون الحسيّات والبديهيّات وغيرها ، الواحد : سوفسطائي . المعجم الوسيط ، ج ۱ ، ص ۴۳۳ .

2.في الكافي المطبوع : - «و» .

3.اُنظر المواقف للإيجي ، ج ۳ ، ص ۱۵۸ و ۱۶۰ و ۱۷۵ ؛ شرح المواقف ، ج ۸ ، ص ۱۱۷ و ۱۲۱ ؛ معارج الفهم في شرح النظم ، ص ۳۳۸ ، ولا بأس بالنظر لكتاب رؤية اللّه في ضوء الكتاب والسنّة للسبحاني .

4.الأنعام (۶) : ۱۰۳ .

5.في حاشية «أ» : «محمّدبن إسماعيل هذا هو البرمكي صاحب الصومعة عند الصدوق رحمه الله». الوافي ، ج ۱ ، ص ۳۳۳ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 75363
صفحه از 584
پرینت  ارسال به