85
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(قَالَ) تكرار للأوّل.
(هُوَ شَيْءٌ بِخِلَافِ الْأَشْيَاءِ، ارْجِعْ بِقَوْلِي إِلى إِثْبَاتِ مَعْنىً، وَأَنَّهُ شَيْءٌ بِحَقِيقَةِ الشَّيْئِيَّةِ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا جِسْمٌ وَلَا صُورَةٌ، وَلَا يُحَسُّ وَلَا يُجَسُّ، وَلَا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ الْخَمْسِ، لَا تُدْرِكُهُ الْأَوْهَامُ، وَلَا تَنْقُصُهُ الدُّهُورُ، وَلَا تُغَيِّرُهُ الْأَزْمَانُ) .
مضى مع شرحه في خامس الأوّل؛ ۱ كرّره في هذا الباب؛ لأنّ قوله: «شيء» لإبطال التعطيل، وقوله: «بخلاف الأشياء» لإبطال التشبيه، وليظهر أنّ هذا مع ما مضى فيه رواية واحدة، وللرواية تتمّة اُخرى يجيء في أوّل أوّل كتاب الحجّة. ۲(فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ) . مقصوده الاعتراض على قوله: «لا جسم ولا صورة».
(فَتَقُولُ) ؛ بتقدير الاستفهام، وبالخطاب.
(إِنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ؟ قَالَ: هُوَ سَمِيعٌ، بَصِيرٌ؛ سَمِيعٌ) أي لكن هو سميع (بِغَيْرِ جَارِحَةٍ، وَبَصِيرٌ بِغَيْرِ آلَةٍ) . المقصود أنّه سميع لا بجارحة، وبصير لا بآلة، وإنّما لم يجبه هكذا، مع أنّ فيه التصريحَ الذي لا يحتاج إلى التفسير الآتي، لأنّه ليس فيه تصريح ببطلان أن يكونا ببعضه الذي ليس بجارحة ولا آلة، أو بصفة موجودة في الخارج في نفسها، ويحتمل أن يكون وجهه أن يبيّن له تفسير ما يُقال أيضا في هذا المقام كثيرا، ولا تصريح فيه.
(بَلْ يَسْمَعُ بِنَفْسِهِ، وَيُبْصِرُ بِنَفْسِهِ، لَيْسَ قَوْلِي: إِنَّهُ سَمِيعٌ يَسْمَعُ بِنَفْسِهِ، وَبَصِيرٌ يُبْصِرُ) أي وبصير يبصر (بِنَفْسِهِ أَنَّهُ شَيْءٌ، وَالنَّفْسُ شَيْءٌ آخَرُ) أي مغايرٌ له حقيقةً لظاهر الباء، فإنّه يقتضي المغايرة بين الفاعل وما دخلت عليه.
(وَلكِنْ أَرَدْتُ عِبَارَةً) أي تعبيرا (عَنْ نَفْسِي) أي عمّا في نفسي بلفظ مع ضيق الألفاظ المستعملة لا في مجاز فيه.
(إِذْ كُنْتُ مَسْؤُولاً، وَإِفْهَاما) ؛ عطف على «عبارةً».
(لَكَ؛ إِذْ كُنْتَ سَائِلاً، فَأَقُولُ) أي فاُعبّر عمّا في نفسي بتعبير آخر حتّى ينضمّ إلى

1.أي الحديث ۵ من باب حدوث العالم .

2.أي الحديث ۱ من باب الاضطرار إلى الحجّة .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
84

وَمِنْ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ» . 1
والبطلة يقولون: معنى الآية كما أنّه ليس مثله موجودا ليس شيء غيره موجودا، فيعطون «ليس» حكمَ «كان» التامّةِ، أو يقدّرون الخبر، واللام في «السميع البصير» تفيد الحصر، وهو تقوية للنفي ببيان أنّ السمع والبصر ـ اللذين هما أظهر الحواسّ والكمالات وطرق العلم ـ ليسا خالصين في غيره تعالى، فإنّهما فيه مشوبان بالصمم والعمى.
بيانه: أنّه ليس كلّ صوت مسموعا للإنسان ـ مثلاً ـ بل يحتاج سماعه إلى شروط مشهورة، وهو فيما تحقيق الشروط إنّما يسمعه بعد حدوثه بزمان قليل أو كثير بحسب قرب المسافة وبُعدها، فيظنّ أنّه حادث حين سمعه، وأنّه ليس كلّ جسم مرئيّا للإنسان، بل يحتاج رؤيته إلى شروط مشهورة، وهو فيما تحقّق الشروط إنّما يراه على قدر زاوية الجليديّة، 2 وهي مختلفة بحسب قُرب المسافة وبُعدها مع اتّحاد المرئيّ، فيظنّه على قدر ليس عليه كما في رؤيته الكواكب ونحوها، وكذا يختلف الظنّ بلون المرئيّ كثيرا بحسب اختلاف الليل والنهار والأوضاع كما هو المجرّب.
الخامس: (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَطِيَّةَ) ؛ بفتح العين المهملة وكسر الطاء المهملة وتشديد الخاتمة.
(عَنْ خَيْثَمَةَ) ؛ بفتح المعجمة وسكون الخاتمة وفتح المثلّثة.
(عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ: إِنَّ اللّهَ خِلْوٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَخَلْقَهُ خِلْوٌ مِنْهُ، وَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ «شَيْءٍ» مَا خَلَا اللّهَ تَعَالى، فَهُوَ مَخْلُوقٌ، وَاللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) . مضى معناه آنفا.
السادس: (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : أَنَّهُ قَالَ لِلزِّنْدِيقِ حِينَ سَأَلَهُ) أي قال له سائلاً: (مَا هُوَ؟) . الضمير للّه تعالى.

1.الشورى (۴۲) : ۱۱ .

2.الجليدية هي رطوبة صافية كالبَرَد . والجليد مستديرة في العين ، بها يتحقّق البصر . قانون لابن سينا ، ج ۲ ، ص ۱۰۸ ، فصل في تشريح العين .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55614
صفحه از 584
پرینت  ارسال به