(قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : لَوْ كَانَ ذلِكَ كَمَا تَقُولُ، لَكَانَ التَّوْحِيدُ عَنَّا مُرْتَفِعا؛ لِأَنَّا لَمْ نَكْلَفْ۱غَيْرَ مَوْهُومٍ) . «ذلك» إشارة إلى الموهوم. و«كما تقول» عبارة عن المنحصر في معلوم المخلوقيّة بالوجدان، واللام في «التوحيد» للعهد الخارجي، وهو عبارة عن مضمون قوله عليه السلام : «هو الربّ، وهو المعبود، وهو اللّه » إلى آخره، أو عبارة عن مضمون جميع ما ذكر في جواب السائل في هذا الحديث.
والمرتفع بكسر الفاء: المسلوب والمنتفي.
و«لم نكلف» معلوم باب علم من الكَلف بالفتح، وهو ارتكاب العمل مع شغل قلب ومشقّة. ۲ وفي كتاب التوحيد لابن بابويه: «لم نتكلّف». ۳ ومآلهما واحد.
قال ابن الأثير في النهاية:
فيه: «اكْلفُوا من العمل ما تطيقون». يُقال: كَلِفت بهذا الأمر أكْلَف بهِ: إذا وَلِعْتَ به وأحببتهُ. وقال: وكلِفته: إذا تحمّلتُهُ، وقال: وتكلَّفت الشيء: إذا تجشّمته على مشقّة. وقال: والكَلْف: الولوع بالشيء مع شغل قلب ومشقّة. ۴
وحاصل الجواب: أنّه لو كان كلّ موهوم معلومَ المخلوقيّة بالوجدان، لكان ما صدر عنّا سابقا من التوحيد غيرَ صادر عنّا، لأنّه تعلّق وهمنا به، ولم نعلم ۵ بالوجدان مخلوقيّته، والعلم بالوجدانيّات يجب أن يكون مشتركا بين جميع العقلاء، غير مختصّ ببعض دون بعض.
(وَلكِنَّا نَقُولُ: كُلُّ مَوْهُومٍ بِالْحَوَاسِّ مُدْرَكٍ بِهِ۶تَحُدُّهُ الْحَوَاسُّ وَتُمَثِّلُهُ؛ فَهُوَ مَخْلُوقٌ) . استدراك عن إنكار كون كلّ موهوم مخلوقا.
والمراد بالحواسّ الخمس: السمع، والبصر، والشمّ، والذوق، واللمس.
1.في الكافي المطبوع: «نُكَلَّفْ» للمجهول.
2.لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۳۰۷ (كلف) .
3.التوحيد ، ص ۲۴۶ ، باب الردّ على الثنويّة والزنادقة ، ح ۱ . وفيه : «نكلف» بدل «نتكلف» .
4.النهاية ، ج ۴ ، ص ۱۹۷ (كلف) .
5.في «ج» : «تعلم» .
6.في الكافي المطبوع : «بها» .