93
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(مِن صِغَرٍ إِلى كِبَرٍ، وَسَوَادٍ إِلى بَيَاضٍ، وَقُوَّةٍ إِلى ضَعْفٍ، وَأَحْوَالٍ) . يجوز عطفها على «صغر» وعلى «كبر». والمآل واحد.
(مَوْجُودَةٍ) ؛ من الوجود المقابل للفقد؛ أي غير مجهولة لأحد.
(لَا حَاجَةَ بِنَا إِلى تَفْسِيرِهَا؛ لِبَيَانِهَا) أي لظهورها.
(وَوُجُودِهَا) ؛ ضدّ الفقد، أي وعلم كلّ أحد بها، وهنا مقدّمة مطويّة؛ أي وهذا محال في خالق الأجسام لا من شيء؛ لأنّه نقص.
(قَالَ السَّائِلُ: فَقَدْ حَدَدْتَهُ إِذْ أَثْبَتَّ وُجُودَهُ) . الحدّ بالفتح مصدر باب نصر: التمييز والإحاطة.
وهذا مناقشة في قوله عليه السلام : «فلم يكن بدّ من إثبات الصانع» بأنّه يتضمّن إثبات وجود له منضمّ إليه انضمام البياض إلى الجسم، فيتضمّن تمييزك إيّاه عن عارضه، أو إحاطة ذهنك به.
(قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : لَمْ أَحُدَّهُ) . لم يقل: «لم اُثبت وجوده» لأنّ إثبات مفهوم كما يُطلق على الحكم بكونه موجودا في نفسه في الخارج وهو المتبادر لغةً، يُطلق على الحكم بكونه قائما بشيء في الخارج، وهو عليه السلام قد أثبت وجوده بهذا المعنى، لكنّه لا يستلزم المحدوديّة؛ لأنّ قيام الاُمور الاعتباريّة بذاته تعالى لا يستلزم أن يكون تعالى محدودا، إذ ليس وجودها في الخارج وجودَها في أنفسها، بل وجودَها الرابطي فقط، والمحدوديّة إنّما يلزم إثبات الصفة بمعنى الحكم بوجود الصفة في نفسها في الخارج، لأنّها لا تكون إلّا للجسمانيّات.
(وَلكِنِّي أَثْبَتُّهُ) ؛ بتشديد التاء بصيغة الماضي، فيه بيان الفرق بين إثبات ذاته وإثبات صفته بالمعنى المبتادر لغةً من الإثبات، وفيه إشارة إلى أنّه عليه السلام لم يثبت وجوده بهذا المعنى.
(إِذْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْاءِثْبَاتِ مَنْزِلَةٌ) . استدلالٌ على أنّه تعالى شيء بحقيقة الشيئيّة بأنّه لولاه لكان معدوما بحقيقة العدم؛ إذ ليس بين المنزلتين منزلة، والنزاع بين القائلين بالحال وغيرهم لفظي؛ لتخصيصهم «الموجود» و«المعدوم» بالذات اصطلاحا، دون غيرهم.
(قَالَ۱السَّائِلُ: فَلَهُ) . الفاء للتفريع والاستفهام مقدّر.

1.في الكافي المطبوع : + «له» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
92

(شَبِيها بِهِمْ) أي شريكا لهم (فِي ظَاهِرِ التَّرْكِيبِ وَالتَّأْلِيفِ) .
مضى معناه آنفا، وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف، أو قوله: «ظاهر» منّون، وقوله: «التركيب» بدل، أو عطف بيان على ما جوّزه الزمخشري في قوله تعالى: «فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ»۱
، مع كون الأوّل نكرة، والثاني معرفة. ۲
حاصل الدليل أنّ صانع الجسم لا من مادّة سبقت لا يمكن أن يكون جسما؛ لأنّه لا يجيء الأشياء للجسم إلّا بالمباشرة والمعالجة، ولا صانع ۳ لا من مادّة سبقت يجب أن لا يكون فيه نقص من وجه، فيجب أن يكون نافذ الإرادة، كما يجيء في آخر الحديث. ولو كان حاصل الدليل أنّه لو كان صانعه جسما لزم التسلسل، لم يتمّ الدليل إلّا بإثبات أنّ الممكن يحتاج في البقاء إلى فاعله، أو امتناع التسلسل في المتعاقبة أيضا.
(وَفِيمَا يَجْرِي) . عطفٌ على «في ظاهر التركيب»، وهو بفتح ياء المضارعة من الجريان، والضمير المستتر ل«ما» ويجوز ضمّها من الإجراء والضمير المستتر لظاهر، والعائد المنصوب محذوف.
(عَلَيْهِمْ) أي بدون اختيارهم (مِنْ حُدُوثِهِمْ) . بيانٌ لما.
(بَعْدَ إِذْ) أي بعد وقت، فهو تصريح بالحدوث الزماني لدفع توهّم كفاية الحدوث الدهري، المساوق للحدوث الذاتي، المساوق للإمكان الذاتي.
(لَمْ يَكُونُوا ) أي أصلاً، لا بصورتهم ولا بمادّتهم؛ لأنّ الدليل السابق جارٍ في كلّ واحدٍ من الجسمانيّات.
(وَتَنَقُّلِهِمْ) ؛ بالمثنّاة فوق وفتح النون وضمّ القاف المشدّدة، معطوف على «حدوثهم» أي وقابليّتهم للانتقال وإن لم ينتقلوا، أو جعل الجائز المقدور لصانعهم عليهم كالواقع، كقولك: الحمد للّه الذي صغّر جسم البعوض، وكبّر جسم الفيل، أو فيه تغليب الإنسان في مبتدأ فطرته إلى كماله على غيره.

1.آل عمران (۳) : ۹۷ .

2.الكشّاف ، ج ۱ ، ص ۴۴۷ .

3.في «ج» : - «لا صانع» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55497
صفحه از 584
پرینت  ارسال به