105
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

والقرينة أنّ الآية مذكورة في سورة الأحزاب ۱ متوسّطةً بين الجمل المسوقة لتكليف نسائه صلى الله عليه و آله ، وقد صرف الخطاب فيها إلى غيرهنّ على طريقة الاستئناف البياني التعليلي، ثمّ اُعيد إليهنّ بالتأكيد عليهنّ إشارة إلى عدم إطاعة صاحبة الجمل لذلك ، وأنّ المقصود بهذا إذهاب شكّ الناس عنكم ، لئلّا يتوهّموا أنّ الحرب معها يوجب تهمة فيكم .
وقد بيّنّا وجوه دلالة الآية على عصمة الخمسة أصحاب العباء ، ودفعنا مشاغبات المخالفين في حواشي العدّة ۲ .
(أَمَّا بَعْدُ ، فَقَد فَهِمْتُ يَا أَخِي مَا شَكَوْتَ) . «ما» موصولة ، والعائد المنصوب محذوف ؛ أي شكوته .
ذكر هذا الأخ خمسة أشياء :
الأوّل : ما ذكره المصنّف رحمه اللّه تعالى بعد قوله : «ما شكوت» ، وهو تمهيد للسؤال بعده ، وإخبار عن علمه بأنّ الرؤساء الذين اطّلعوا على محكمات القرآن الناهية عن الجهالة ، ومع هذا اصطلحوا على الجهالة أهل النار .
الثاني : ما ذكر بعد قوله : «وسألتَ» ، وهو السؤال عن أنّ من لم يطّلع على المحكمات الناهية وقلّد الرؤساء في الجهالة ناجٍ أم لا؟
الثالث : ما ذكر بعد قوله : «وذكرت» ، وهو السؤال عن كيفيّة العمل في ما اختلف الرواية فيه من المسائل .
الرابع : ما ذكر بعد قوله : «وقلت : إنّك» ، وهو طلب تصنيف الكافي .
الخامس : ما ذكر بعد قوله : «وقلت : لو كان» ، وهو تأكيد طلب التصنيف .
فقرّر المصنّف رحمه اللهالأوّل وأجاب عن الثاني بقوله : «فاعلم يا أخي رحمك اللّه » إلى قوله : «فمستقرٌّ ومستودع» .

1.الأحزاب (۳۳) : ۳۳ .

2.وفي حاشية نسخة «أ» : «قوله قدس سره في حواشي العدّة بيّنه في المجلد الثاني من الحواشي عند قوله : لأنّ الإجماع عندنا إذا اعتبرناه من حيث كان فيه معصوم» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
104

بحيث لا يلزم جبر في أبواب من كتاب التوحيد .
(مِنْ) ؛ تبعيضيّة . (خَلْقِهِ مِنْ) ؛ متعلّقة باستنقاذ .
(مُلِمَّاتِ) جمع ملمّة ـ بضمّ الميم وكسر اللام وشدّ الميم ـ وهي النازلة من نوازل الدهر ۱ ، والمراد روايات المخالفين الكاذبة في فضائل أئمّتهم .
(الظُّلَمِ) ؛ بضمّ المعجمة وفتح اللام ، جمع «ظلمة» .
(وَمَغْشِيَّاتِ) أي مستورات . والمراد أسرار اللّه تعالى في مظلوميّة أئمّة الهدى .
(الْبُهَمِ) ؛ بضمّ الموحّدة وفتح الهاء ، جمع «بُهمة» بالضمّ ، وهي مشكلات الاُمور .
بيان التعليل في قوله «لما أراد» إلى آخره : أنّ الشبه والشكوك ـ التي تعتري الإنسان من روايات المخالفين ومن جهله بسرّ تقلّب الذين كفروا في البلاد وميل أكثر الناس في أكثر البقاع المشرّفة إلى أئمّة الضلالة ومجتهديهم ـ تزول عن العاقل بالعلم ؛ بأنّ كلّ رواية وكلّ إمامة خالفت ۲ محكمات كتاب اللّه فهو زخرف ، والقول على اللّه بغير علم غير جائز في محكمات القرآن .
وكذا إنكار ما لم يعلم أنّه الباطل ، وذلك لأنّ أقصى مستندهم في أكثر الأحكام ليس إلّا الاجتهاد والظنّ ، وسيجيء في «كتاب العقل» في الثاني عشر والعشرين من «باب العقل والجهل» بيان هذا الدليل على بطلان أئمّة الضلالة في أيّ زمان كانوا إلى يوم القيامة .
(وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الْأَخْيَارِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرا) .
سيجيء في أوّل «باب ما نصّ اللّه ورسوله على الأئمّة عليهم السلام واحدا فواحدا» من «كتاب الحجّة» أنّ الرجس هو الشكّ ، ولعلّ المراد التباس حكم من أحكام الربّ تعالى عليهم ، أو المراد التباس أمرهم على الناس .

1.معجم مقاييس اللغة ، ج ۵ ، ص ۱۹۸ ، (لمم) .

2.في «ج ، د» : «خالف» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 119716
صفحه از 602
پرینت  ارسال به