وأجاب عن الثلاثة الأخيرة بقوله : «فاعلم يا أخي أرشدك اللّه » إلى قوله : «إلى يوم القيامة».
وليعلم أنّ المراد باُصول الدِّين مسائلُ محمولاتُها ليست من الأحكام الشرعيّة ، ولا من اقتضاء الأحكام الشرعيّة ، وأوجب اللّه تعالى على من بلغ سنّ التكليف ـ ولم يكن من المستضعفين ـ التصديق بها ، أي الطوع لها بباطن القلب .
هذا إذا خوطب بها الفلاسفة الزنادقة ومن يحذو حذوهم ، وأمّا إذا خوطب بها أهل الإسلام فالأصوب أنّ المراد باُصول الدِّين مسائل موضوعاتها ما ذكرنا في حدّها ومحمولاتها وجوب التصديق بتلك المسائل ، أو موضوعاتها التصديق بها ومحمولاتها الوجوب من الأحكام الخمسة ، وعليه قوله تعالى في سورة البقرة : «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَىِّ»۱ .
فبالقيد الأوّل خرج مسائل الفروع الفقهيّة ، وهي مسائل محمولاتها من الأحكام الشرعيّة وموضوعاتها غير التصديق ، وخرج أيضا ما محموله من الأحكام الشرعيّة وموضوعه التصديق ، كقولنا : التصديق بالنبيّ واجب ، فإنّه ليس من مسائل اُصول الدِّين ولا اُصول الفقه ولا الفروع الفقهيّة ، إنّما هو من متعلّقات اُصول الدِّين .
وبالقيد الثاني خرج اُصول الفقه ، كقولنا : الأمر يقتضي وجوب المأمور به .
وبالقيد الثالث خرج ما عدا الثلاثة من الفنون .
[الإمامة من اُصول الدين أم لا؟]
واعلم أنّ مسألة الإمامة من اُصول الدِّين عند من يقول إنّ تعيين الإمام من اللّه ورسوله ويجب على الناس التصديق بإمامته ، سواء كان التعيين في محكمات القرآن كما هو الحقّ ـ وسيجيء في «باب معرفة الإمام والردّ إليه» من «كتاب الحجّة» ـ أم لا ؟ ومن الفروع الفقهيّة عند من يقول : إنّ اللّه ورسوله لم يعيّنا الإمام وأوجبا على الناس وجوبا كفائيّا القيام بالإمامة ونصب الإمام في كلّ زمان . ۲