109
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

والفرق أنّهم لا يسمّون الجاهل في الفروع مستضعفا . ۱
قال بعد التأمّل : هذا صحيح ولم أسمعه إلى الآن من أحد ، وشرع بعض تلاميذه في الاعتراض على هذا البيان ، فلمّا تصدّيت للجواب أشار إليَّ الاُستاذ أن لا تتكلّم في جوابه ، فإنّه لم يفهم كلامك وأنا اُفهِمُه فأفْهَمَهُ وأسكته .
ثمّ قال : سنح لي الآن سؤال آخر هو أنّه بلغنا عن الشريف المرتضى من علماء الشيعة أنّه قال : الناس صنفان : اثنا عشري ، والباقي كافر ، وأنت تقول : الناس عندهم على ثلاثة أصناف؟
قلت : هل رأيت هذا في تصنيف للشريف؟
قال : لا .
قلت : أنا أيضا لم أرَ هذا في تصانيفه ، ثمّ إنّ مذهب الشيعة أنّه ليس قول أحد حجّة عليهم بعد الرسول عليه السلام إلّا قول الأئمّة المعروفين الاثني عشر ، والتقسيم إلى الثلاثة مع الاستدلال عليه بالقرآن مرويّ عن أئمّتهم في كتب أحاديثهم .
فاستحسن الجواب .
فقال التلميذ : وبالجملة هل الشيعة يقولون : إنّ أهل السنّة كفّار ، أم لا؟
قلت : لا يخرجونهم من أحد الأقسام الثلاثة ، واعتقدوا أنتم أيضا بالشيعة ذلك ؛ وقمت إلى مكاني لصلاة المغرب ، ولم يناسب المقام أن اُجيب بما يجيء في أحاديث «باب معرفة الإمام والردّ إليه» من «كتاب الحجّة» من أدلّة كفرهم .
فمراد الشريف بالناس أهل النظر ومن بلغ إليه الدليل ، والحقّ ظاهر على جميعهم ، بل الاطّلاع على الحقّ في الإمامة لأهل القبلة والمقرّين بالقرآن أسهل بكثير من الاطّلاع على الحقّ في النبوّة لمن تولّد بين اليهود والنصارى ؛ بل الإنصاف أنّ جاهل

1.في حاشية «أ» : «لمّا كان العلم بحكم شرعي مستلزما للعلم بوجوب التصديق بذلك الحكم ، والجهل بوجوب التصديق بحكم مستلزما الجهل به، لم يقل في بيان الفرق أن كلّاً من الجاهل بوجوب التصديق بالحكم الأصلي والجاهل بالحكم الأصلي مستضعفا ، بخلاف الحكم الفرعي ، فإنّ الجاهل بوجوب التصديق به وإن سمّي مستضعفا لكن الجاهل به لم يسمّ مستضعفا ، بل آثما» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
108

والثاني : غير التصديق ، كالصلاة والصوم والحجّ ونحو ذلك ، وأنّ تارك واجب من الثاني غير كافر ، وإن علم أنّه واجب من اللّه تعالى إنّما هو آثم فقط . وأنّ الناس بالنسبة إلى الواجب الأوّل على ثلاثة أقسام :
الأوّل : من علم في كلّ تصديق باُصول الدِّين أنّه واجب من اللّه وأتى به وبكلّ تصديق عَلِم أنّه واجب من اللّه ؛ وهذا مؤمن .
والثاني : من علم في تصديق أنّه واجب من اللّه وأخلّ به ؛ وهذا كافر .
والثالث : من لم يعلم في تصديق ۱ باُصول الدِّين أنّه واجب من اللّه ، سواء أتى به أم لم يأت ؛ وهذا مستضعف . وقد يتصادق الكافر والمستضعفُ في واحد باعتبار جهتين ، والمستضعفُ الذي ليس بكافر في مشيئة اللّه .
ومعنى هذا وبيان أقسام المستضعفين وأنّها سبعة وتقسيم العلم الذي يشترط في كفر الجحود إلى المستقرّ عند الكافر ، كما في قوله تعالى : «وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ»۲ ، وقوله : «فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ»۳ ، وإلى غير المستقرّ عنده بإخفائه علمه عن نفسه بالتلبيسات على نفسه ، كما في قوله تعالى في سورة الأنعام : «بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ»۴ مفصّلٌ عندهم ۵ .
ولاشكّ أنّ التصديق بالإمام الحقّ بعد رسول اللّه واجب من اللّه ، فهو من القسم الأوّل من قسمي الواجب ومتعلّق باُصول الدِّين عندهم ، فيجري فيه التقسيم إلى الأقسام الثلاثة ، وهذا التقسيم غير مختصّ عندهم بالتصديق بالإمامة ، بل جارٍ في التصديق بالنبوّة ونحوها ، بل في التصديق بالأحكام ۶ التي هي فروع الفقه أيضا ،

1.في «ج» : «التصديق» .

2.النمل (۲۷) : ۱۴ .

3.البقرة (۲) : ۸۹ .

4.الأنعام (۶) : ۲۸ .

5.قوله : «مفصّل عندهم» خبر قوله : «ومعنى هذا» .

6.في حاشية «أ» : «إذ ليس الإيمان إلا التصديق بجميع ما جاء به النبيّ صلى الله عليه و آله » .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 119531
صفحه از 602
پرینت  ارسال به