113
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

العلم . (كُلُّهُ) أي كلّ العلم .
(وَتَنْقَطِعَ مَوَادُّهُ) . مادّة الشيء : أصله الذي يحتاج إليه ، وهي المحكمات ، وانقطاعها انتفاء التفات الناس إليها بالكلّيّة .
(لِمَا قَدْ رَضُوا) أي مع أنّهم اطّلعوا على المحكمات ، وخرّوا على آيات اللّه بالتأويل والتخصيص صمّا وعميانا .
(أَنْ يَسْتَنِدُوا إِلَى الْجَهْلِ) ؛ هو الظنّ الحاصل بالاجتهاد ، والاستناد إليه يؤدّيهم إلى آرائهم السخيفة .
(وَيَضَعُوا۱) أي يهينوا بعدم الالتفات (الْعِلْمَ وَأَهْلَهُ) . هم أهل البيت أو من اتّبع المحكمات وسكت عمّا لم يعلم .
(وَسَأَلْتَ : هَلْ يَسَعُ) ؛ بصيغة المضارع المعتلّ الفاء ، من باب علم ، سقطت الواو من يسع كما سقطت من يطأ لتعدّيهما ؛ لأنّ فَعِلَ يَفْعَلُ ممّا اعتلّ فاؤه لا يكون إلّا لازما ، فلمّا جاءا من بين أخواتهما متعدّيين خولف بهما نظائرهما وجعلا كأنّهما من باب ضرب ، تقول : يسعك أن تفعل كذا ، أي يجوز ؛ لأنّ الجائز على الرجل لاضيق على الرجل فيه .
(النَّاسَ) ؛ بالنصب على المفعوليّة ، أي اتّباع الرؤساء .
(الْمُقَامُ) ؛ بالرفع على الفاعليّة ، وهو مصدر ميمي ، وهو بفتح الميم من قامت الدابّة : إذا وقفت ، أو بضمّها من أقام بالمكان : إذا دام .
(عَلَى الْجَهَالَةِ ، وَالتَّدَيُّنُ) أي العمل بما يعتقدون أنّه مقتضى دين الإسلام .
(بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي بأنّه مقتضى دين الإسلام .
(إذْ) ؛ تعليل للسعة . (كَانُوا) أي قبل البلوغ والتكليف ، أو قبل العمر الذي اُشير إليه في قوله تعالى في سورة فاطر : «أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ»۲ وهو

1.في الكافي المطبوع وحاشية «أ» : «ويضيّعوا» .

2.فاطر (۳۵) : ۳۷ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
112

معمور ، مثل ماء دافق ، أي مدفوق . وفيه إشارة إلى أنّها تخرب بنفسها كلّ حين لركاكتها .
أو مصدر عَمَر اللّه منزلك كنصر ، أي جعله ذا أهل ، أو عَمَر الرجلُ مالَه وبيته، أي لزمه . والعمارة أيضا ما يعمر به المكان .
(طُرُقِهَا) أي طرق الجهالة ، وذلك ببيان طرق الظنّ الحاصل بالاجتهاد ، وبتفصيل المقدّمات لإثبات خيالاتهم ، وتحرير أنواع الاعتراضات والأجوبة وإدخال مسائل آداب البحث ونحو ذلك ممّا يوهم فضلاً ويوجب ثناء الجاهل ، وهذا من ملمّات الظلم ومغشيّات البُهم، ألم تر إلى هذا اللكع عضد شارح مختصر ابن الحاجب في اُصول الفقه قال : «فتشعّبوا فيها شعبا وتحزّبوا أحزابا ورتّبوا فيها مسائل تحريرا واحتجاجا وجوابا ، فلم يروا إهمالها نصحا لمن بعدهم وإعانةً لهم على درك الحقّ منها بسهولة ، فدوّنوها وسمّوا العلم بها اُصول الفقه»؟ ۱ انتهى .
كأنّه لم يسمع قوله تعالى في سورة المؤمنين : «فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ فَذَرْهُمْ فِى غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ»۲ الآيات ، وأمثالها الكثيرة .
(وَمُبَايَنَتِهِمُ الْعِلْمَ) أي ما يحصل من محكمات القرآن الناهية عن الاختلاف بالاجتهادات الظنّيّة .
(وَأَهْلَهُ) أي من دلّت المحكمات على إمامته من أهل البيت أو من اتّبع المحكمات ، وذلك بقولهم : إنّ العقل مقدّم على النقل ، وهذا كلمة حقّ اُريد بها باطل ۳ .
(حَتّى كَادَ الْعِلْمُ مَعَهُمْ) أي مع أهل دهرنا .
(أَنْ يَأْرِزَ) ؛ بالهمزة ومهملة مكسورة ، وقيل : مثلّثة والزاي ، أي يتضامّ ويتقبّض ويختفي . ۴ وسيجيء في حادي عشر «باب في الغيبة» من «كتاب الحجّة» . ولهذا يأرز

1.شرح القاضي عضد الدين ، ص ۵ ؛ وحكاه عنه الأمين الاسترابادي في الفوائد المدنيّة ، ص ۶۲ .

2.المؤمنون (۲۳) : ۵۳ ـ ۵۴ .

3.في «ج» : «به الباطل» .

4.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۸۶۴ ، النهاية ، ج ۱ ، ص ۳۷ (ارز) .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 119397
صفحه از 602
پرینت  ارسال به