123
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(سُدىً) . السدى بضمّ ۱ المهملة ومهملة والقصر : المهمل ؛ تقول : إبل سدى ، أي مهملة . ۲ وبعضهم يقول : سدى بالفتح . أشار ۳ إلى قوله تعالى في سورة القيامة : «أَيَحْسَبُ الْاءِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً»۴ .
(مُهْمَلِينَ) ؛ على لفظ اسم المفعول من باب الإفعال وصف للتوضيح .
(وَلِيُعَظِّمُوهُ) أي وليعبدوه، (وَيُوَحِّدُوهُ) أي ويفردوه بالعبادة .
(ويُقِرُّوا لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ) أي بأنّه ربّ كلّ شيء وخالقه ومالكه ، لا يخرج من سلطانه شيء . وسيجيء بيانه في «كتاب العقل» في شرح ثاني عشر «باب العقل والجهل» . والمقصود إقرارهم بأنّه لا حكم في المختلف فيه اختلافا حقيقيّا مستقرّا إلّا للّه تعالى حتّى يصحّ توحيدهم .
(وَلِيَعْلَمُوا أَنَّهُ خَالِقُهُمْ وَرَازِقُهُمْ) أي لا يعتمدوا في تدبير أمرهم وتحصيل رزقهم إلى حولهم وقوّتهم ، بل يعلموا أنّ أزمّة الاُمور بيده تعالى ، ما شاء اللّه كان ، وما لم يشأ لم يكن .
(إِذ شَوَاهِدُ رُبُوبِيَّتِهِ دَالَّةٌ ظَاهِرَةٌ) «إذ» هنا للظرفيّة فقط أي حين ، ويحتمل التعليل أيضا ، وهذا لدفع سؤال هو أنّ التكليف بمعرفة اللّه تعالى إمّا متوجّه إلى من يعرف اللّه تعالى ، أو إلى من لا يعرفه ، فإن كان الأوّل كان هذا أمرا بتحصيل الحاصل ، وهو محال ، وإن كان الثاني كان توجّها لأمر اللّه تعالى إلى من لم يكن عارفا باللّه ، والجاهل بالذات جاهل بالصفة ، فإذن هذا الأمر متوجّه إلى شخص لا يمكنه حالَ بقاء ذلك الأمر أن يعرف الآمر والأمر ، وذلك عين تكليف ما لا يُطاق .
وحاصل الدفع : أنّ معرفة اللّه تطلق على معنيين : الأوّل : العلم بوجود صانع للعالم بريء من كلّ نقص ، وبأنّه أنزل الكتب وبعث الرُّسل بالآداب .
الثاني : العلم المذكور مقيّدا بالعمل به ، وهذا غالب إطلاقاته ، كما يجيء في ثاني

1.في «د» : + «السين» .

2.المصباح المنير ، ص ۲۷۲ (سدى) ؛ النهاية ، ج ۲ ، ص ۳۵۶ (سدا) .

3.في حاشية «أ» : «أي المصنّف» .

4.القيامة (۷۵) : ۳۶ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
122

مادّة قديمة ولا مثال سابق ، بل هي أزليّة شخصا أو نوعا ، وتبقى الحياة الدنيا أبدا على سبيل التناسخ .
واعلم أنّه يمكن أن يحمل على هذا الدليل العقلي المحض على نفي جواز الجهالة قولُه تعالى في سورة المؤمنين : «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلَها آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ»۱ بناءً على أن يكون قوله : «فتعالى» لبيان انتفاء جواز وضع التكليف ، وقوله : «لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ» لبيان انتفاء جواز الجهالة ، فإنّ أهل الجهالة عبدوا أنفسهم من حيث لا يعلمون ، كما مرّ في رواية البرقي ، وقوله : «وَمَنْ يَدْعُ» لبيان حال أهل الجهالة في بعض الأحكام ومقلّديهم التابعين لإمام الضلالة ، التاركين لإمام الهدى ؛ إنّهم لا يزالون في التباس وجهل بالأحكام بسبب إمامهم ، بخلاف من تبع نور اللّه في ظلمات الأرض من أهل الذكر الأئمّة المعصومين ، وقوله : «فإِنَّمَا حِسَابُهُ» لبيان كثرة خطائه في أحكام اللّه بحيث لا يحصيه ولا يعدّه إلّا ربّه ، أو وعيد .
(فَوَجَبَ) . الفاء للتفريع والتفصيل . (فِي) بمعنى مع .
(عَدْلِ اللّهِ۲وَحِكْمَتِهِ أَن يَخُصَّ) ، أي القول بعدل اللّه وحكمته يستلزم القول بأن يخصّ .
(مَنْ) . موصولة . (خَلَقَ مِنْ) . تبعيضيّة . (خَلْقِهِ خِلْقَةً مُحْتَمِلَةً لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ) . الظرف في قوله :
(بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ) متعلّق «بأن يخصّ» .
(لِئَلَا يَكُونُوا) . الظرف متعلّق بالأمر والنهي ، أي أن يخصّهم بالأمر والنهي ، لا للعبث والباطل بأن لا يريد منهم وقوع المأمور به ولا ترك المنهيّ عنه ، فإنّ ذلك ينافي العدل والحكمة بل لئلاّ يكونوا .

1.المؤمنون (۲۳) : ۱۱۵ ـ ۱۱۷ .

2.في الكافي المطبوع : + «عزّوجلّ».

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 119287
صفحه از 602
پرینت  ارسال به