(سُدىً) . السدى بضمّ ۱ المهملة ومهملة والقصر : المهمل ؛ تقول : إبل سدى ، أي مهملة . ۲ وبعضهم يقول : سدى بالفتح . أشار ۳ إلى قوله تعالى في سورة القيامة : «أَيَحْسَبُ الْاءِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً»۴ .
(مُهْمَلِينَ) ؛ على لفظ اسم المفعول من باب الإفعال وصف للتوضيح .
(وَلِيُعَظِّمُوهُ) أي وليعبدوه، (وَيُوَحِّدُوهُ) أي ويفردوه بالعبادة .
(ويُقِرُّوا لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ) أي بأنّه ربّ كلّ شيء وخالقه ومالكه ، لا يخرج من سلطانه شيء . وسيجيء بيانه في «كتاب العقل» في شرح ثاني عشر «باب العقل والجهل» . والمقصود إقرارهم بأنّه لا حكم في المختلف فيه اختلافا حقيقيّا مستقرّا إلّا للّه تعالى حتّى يصحّ توحيدهم .
(وَلِيَعْلَمُوا أَنَّهُ خَالِقُهُمْ وَرَازِقُهُمْ) أي لا يعتمدوا في تدبير أمرهم وتحصيل رزقهم إلى حولهم وقوّتهم ، بل يعلموا أنّ أزمّة الاُمور بيده تعالى ، ما شاء اللّه كان ، وما لم يشأ لم يكن .
(إِذ شَوَاهِدُ رُبُوبِيَّتِهِ دَالَّةٌ ظَاهِرَةٌ) «إذ» هنا للظرفيّة فقط أي حين ، ويحتمل التعليل أيضا ، وهذا لدفع سؤال هو أنّ التكليف بمعرفة اللّه تعالى إمّا متوجّه إلى من يعرف اللّه تعالى ، أو إلى من لا يعرفه ، فإن كان الأوّل كان هذا أمرا بتحصيل الحاصل ، وهو محال ، وإن كان الثاني كان توجّها لأمر اللّه تعالى إلى من لم يكن عارفا باللّه ، والجاهل بالذات جاهل بالصفة ، فإذن هذا الأمر متوجّه إلى شخص لا يمكنه حالَ بقاء ذلك الأمر أن يعرف الآمر والأمر ، وذلك عين تكليف ما لا يُطاق .
وحاصل الدفع : أنّ معرفة اللّه تطلق على معنيين : الأوّل : العلم بوجود صانع للعالم بريء من كلّ نقص ، وبأنّه أنزل الكتب وبعث الرُّسل بالآداب .
الثاني : العلم المذكور مقيّدا بالعمل به ، وهذا غالب إطلاقاته ، كما يجيء في ثاني