125
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

وصفات أفعاله التي منها التكليف بالدِّين ، وهو ما ذكر في قوله : «وليعظّموه» إلى آخره .
(لِئَلَا يُبِيحَ لَهُمْ أَنْ يَجْهَلُوهُ وَيَجْهَلُوا دِينَهُ وَأَحْكَامَهُ) يعني أنّ طلب معرفته ليس بالهزل ، بل للتكليف وأن لا يبيح لهم أن يقولوا على اللّه في اُصول الدِّين أو فروعه بغير علم ، أو يعملوا بغير علم .
(لِأَنَّ الْحَكِيمَ لَا يُبِيحُ الْجَهْلَ بِهِ وَالْاءِنْكارَ لِدِينِهِ) . دليل على قوله : «لئلّا يبيح» إلى آخره ، يعني : يستحيل من الحكيم إباحة الجهل كما مرّ في تقرير الدليلين العقليّين .
الدليل الثالث : السمعي :
(فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ) في سورة الأعراف . الفاء للتفصيل وهو معطوف على «فندبهم» عطف المفصّل 1 على المجمل .
( «أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم» » على اليهود في التوراة .
( «مِّيثَاقُ الْكِتَابِ» » . اللام للاستغراق ؛ أي كلّ كتاب من اللّه منزل على رسول من الرسل ؛ لما يجيء في ثامن «باب النهي عن القول على اللّه بغير علم» من «كتاب العقل» من قوله : «إنّ اللّه خصَّ عباده بآيتين»، 2 ولقوله تعالى في سورة المؤمنين : «يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحا» 3 الآيات ، وسنبيّنه في «كتاب العقل» في شرح ثاني عشر «باب العقل والجهل» عند قوله : «يا هشام، ما بعث اللّه أنبياءه ورسله إلى عباده إلّا ليعقلوا عن اللّه » ، ولقوله تعالى في سورة النحل وسورة الأنبياء : «وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَا رِجَالاً» 4 الآيات ، وسنبيّنه في شرح عاشر «باب النوادر» 5 من «كتاب العقل» .
( «أَن لَايَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلَا الْحَقَّ» 6 » . «أن» ناصبة و«لا» نافية ، أو «أن» مفسّرة و«لا» ناهية

1.في «د» : «التفصيل» .

2.في حاشية «أ» : «وهما «أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم» و «بَلْ كَذَّبُوا» .

3.المؤمنون (۲۳) : ۵۱ .

4.الأنبياء (۲۱) : ۷ .وفي سورة النحل (۱۶) : ۴۳ «وَمَا أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إلّا رِجَالاً» .

5.في «أ» : «وهو الباب السابع عشر» .

6.الأعراف (۷) : ۱۶۹ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
124

«باب من عمل بغير علم» من «كتاب العقل» من قوله عليه السلام : «ولا معرفة إلّا بعمل» إلى آخره . وهذا بترك الجهالة وترك القول على اللّه بغير علم وتعظيمه وتوحيده والإقرار بربوبيّته ، ونحو ذلك .
فنقول : التكليف بالأوّل غير واقع ، بل يجب على اللّه تعالى بيان ذلك لمن شاء تكليفه ، وذلك بشواهد ربوبيّته .
وأمّا التكليف بالثاني فواقع ومتوجّه إلى العارف بالمعنى الأوّل .
(وَحُجَجُهُ نَيِّرَةٌ وَاضِحَةٌ ، وَأَعْلَامُهُ لَائِحَةٌ تَدْعُوهُمْ إِلى تَوْحِيدِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ) أي إلى نفي الشريك في استحقاق العبادة ، كالشريك في الحكم ، وذلك بتحريم الاختلاف بالظنّ والاجتهاد ، وهو معنى الإسلام في نحو قوله تعالى في سورة آل عمران : «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْاءِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيا بَيْنَهُمْ»۱ .
(وَتَشْهَدُ عَلى أَنْفُسِهَا لِصَانِعِهَا بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالْاءِلهِيَّةِ) كون صانعها ربّا لها ظاهر ؛ لأنّه مالك كلّ شيء ، وأمّا كونه إلها لها فمشكل إن اُريد بالإله المستحقّ للعبادة ، كما هو الحقّ ؛ لأنّه يختصّ بذوي العقول ، وكذا إن اُريد به من يتحيّر الأذهان فيه .
ولعلّ المراد أنّها تشهد لصانعها بأنّه إله فيها ؛ لأنّها تشهد عند المتأمّل فيها بأنّه لا يجوز أن يختلف في حقّها ۲ فيُعبد غير صانعها ممّن يحكم بالظنّ والاجتهاد ، أو مبنيّ على التشبيه ، كقوله في سورة بني إسرائيل : «وَإِنْ مِنْ شَىْ ءٍ إِلَا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ»۳ .
(لِمَا فِيهَا مِنْ آثَارِ صُنْعِهِ ، وَعَجَائِبِ تَدْبِيرِهِ) ، بيان لكيفيّة الشهادة .
(فَنَدَبَهُمْ) . متفرّع على قوله : «فوجب في عدل اللّه » إلى آخره ، أي فدعاهم ببعث الأنبياء (إِلى مَعْرِفَتِهِ) أي الاعتراف بأنّه ربّ العالمين وخالقهم بقول: كُن ، فهو متّصف بكلّ كمال ، وبريء من كلّ نقص وقبيح كالعبث ، ويتضمّن ذلك الاعتراف بصفات ذاته

1.آل عمران (۳) : ۱۹ .

2.في حاشية «أ» : «أي في حقّ حكم من أحكامها الشرعية» .

3.الإسراء (۱۷) : ۴۴ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 119275
صفحه از 602
پرینت  ارسال به