غيرهم يتّبعون الظنّ الحاصل بالاجتهاد في نفس الحكم الواقعي ، ويجوّزون تقليد المجتهد ، وطريقتهم منافية لتلك الآيات .
ودعواهم العلم بجواز العمل بالظنّ الحاصل بالاجتهاد مكابرة صريحة لمقتضى عقولهم ؛ إذ جحدوا بالآيات واستيقنتها أنفسهم .
وأمّا الأخباريّون فليس مناط عملهم الظنّ بنفس الحكم الواقعي ، فعلمهم بجواز عملهم وبراءة ذمّتهم به يحصل بسبب علمهم بأنّ مفتيهم من أئمّة الهدى شاهد بالحقّ ، كما يجيء بُعيدَ هذا ، وما يجيء في «كتاب العقل» في سابع ۱ «باب اختلاف الحديث» وهو الثاني والعشرون من قول أبي عبداللّه عليه السلام : «من عرف أنّا لا نقول إلّا حقّا فليكتف بما يعلم منّا ، فإن سمع منّا خلاف ما يعلم فليعلم أنّ ذلك دفاع منّا عنه» .
(لِيَكُونَ الْمُؤَدِّي لَهَا مَحْمُودا عِنْدَ رَبِّهِ ، مُسْتَوْجِبا لِثَوَابِهِ وَعَظِيمِ جَزَائِهِ) .
هذا مضمون الشرط ؛ أي شرط اللّه على المكلّفين أنّه لولا أداؤهم الفرائض بعلم لم يكونوا محمودين . ومضى بيان مضمون الشرط في قوله : «أمرهم بالسؤال والتفقّه» إلى آخره .
(لِأَنَّ الَّذِي يُؤَدِّي بِغَيْرِ عِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ) . استدلالٌ عقليٌ و«غير علم وبصيرة» القدرُ المشترك بين الظنّ والتقليد والاعتقاد المبتدأ .
(لَايَدْرِي مَا يُؤدِّي) أي هل هو من فرائض اللّه ، أم لا؟
(وَلَايَدْرِي إِلى مَنْ يُؤَدِّي) . المراد أنّه لا يدري هل يؤدّي إلى اللّه أو إلى من يتبع ظنّه فيه .
(وَإذا كانَ جَاهِلاً) بما يؤدّي وبمن يؤدّي إليه .
(لَم يَكُنْ عَلى ثِقَةٍ مِمَّا أَدّى) . ناظر إلى قوله : «لا يدري ما يؤدّي» أي لم يكن على اطمئنان ممّا أدّى ؛ لتجويزه استحقاق اللوم والعقاب عليه .
(وَلَا مُصَدِّقا)۲ بربوبيّة اللّه تعالى . هذا ناظر إلى قوله : «ولا يدري إلى مَن يؤدّي» .
(لِأَنَّ) . تعليل لقوله : «ولا مصدّقا» .