131
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

غيرهم يتّبعون الظنّ الحاصل بالاجتهاد في نفس الحكم الواقعي ، ويجوّزون تقليد المجتهد ، وطريقتهم منافية لتلك الآيات .
ودعواهم العلم بجواز العمل بالظنّ الحاصل بالاجتهاد مكابرة صريحة لمقتضى عقولهم ؛ إذ جحدوا بالآيات واستيقنتها أنفسهم .
وأمّا الأخباريّون فليس مناط عملهم الظنّ بنفس الحكم الواقعي ، فعلمهم بجواز عملهم وبراءة ذمّتهم به يحصل بسبب علمهم بأنّ مفتيهم من أئمّة الهدى شاهد بالحقّ ، كما يجيء بُعيدَ هذا ، وما يجيء في «كتاب العقل» في سابع ۱ «باب اختلاف الحديث» وهو الثاني والعشرون من قول أبي عبداللّه عليه السلام : «من عرف أنّا لا نقول إلّا حقّا فليكتف بما يعلم منّا ، فإن سمع منّا خلاف ما يعلم فليعلم أنّ ذلك دفاع منّا عنه» .
(لِيَكُونَ الْمُؤَدِّي لَهَا مَحْمُودا عِنْدَ رَبِّهِ ، مُسْتَوْجِبا لِثَوَابِهِ وَعَظِيمِ جَزَائِهِ) .
هذا مضمون الشرط ؛ أي شرط اللّه على المكلّفين أنّه لولا أداؤهم الفرائض بعلم لم يكونوا محمودين . ومضى بيان مضمون الشرط في قوله : «أمرهم بالسؤال والتفقّه» إلى آخره .
(لِأَنَّ الَّذِي يُؤَدِّي بِغَيْرِ عِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ) . استدلالٌ عقليٌ و«غير علم وبصيرة» القدرُ المشترك بين الظنّ والتقليد والاعتقاد المبتدأ .
(لَايَدْرِي مَا يُؤدِّي) أي هل هو من فرائض اللّه ، أم لا؟
(وَلَايَدْرِي إِلى مَنْ يُؤَدِّي) . المراد أنّه لا يدري هل يؤدّي إلى اللّه أو إلى من يتبع ظنّه فيه .
(وَإذا كانَ جَاهِلاً) بما يؤدّي وبمن يؤدّي إليه .
(لَم يَكُنْ عَلى ثِقَةٍ مِمَّا أَدّى) . ناظر إلى قوله : «لا يدري ما يؤدّي» أي لم يكن على اطمئنان ممّا أدّى ؛ لتجويزه استحقاق اللوم والعقاب عليه .
(وَلَا مُصَدِّقا)۲ بربوبيّة اللّه تعالى . هذا ناظر إلى قوله : «ولا يدري إلى مَن يؤدّي» .
(لِأَنَّ) . تعليل لقوله : «ولا مصدّقا» .

1.رقم الحديث في الكافي المطبوع : السادس .

2.في حاشية «أ» : «عطف عل محل قوله : على ثقة» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
130

(وَالْعُمْرُ يَسِيرا ، وَالتَّسْويفُ غَيْرَ مَقْبُولٍ) .
(وَالشَّرْطُ) . الواو للحال عن ضمير «غير مقبول» أو للعطف على الحجّة .
(مِنَ اللّهِ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ فيمَا اسْتَعْبَدَ بِهِ خَلْقَهُ) أي المكلّفين .
(أَنْ يُؤَدُّوا) . خبر أو معطوف على ثابتة .
(جَمِيعَ فَرَائِضِهِ) . الفرض : القطع ، والمراد بفرائضه كلّ ما أوعد ۱ اللّه بالنار على تركه .
(بِعِلْمٍ وَيَقِينٍ وَبَصِيرَةٍ) . الباء للسببيّة أو للمصاحبة ، كلّ واحد من «يقين» و«بصيرة» معطوف على «علم» عطفَ تفسير ، لئلّا يتوهّم بالعلم الظنّ .
إن قلت : العلم بالأحكام الفرعيّة غير ممكن الحصول في زمن الغيبة لنا إلّا في الشاذّ النادر فكيف الشرط؟
قلت : تأدية الشيء أعمّ من فعله ومن فعل ما يجري مجراه . وتفصيله : أنّ الحكم قسمان : حكم واقعي ، وهو الحكم في حقّ من لا يتغيّر هذا الحكم فيه بعلمه بجميع الخطابات الشرعيّة على وجهها في المسألة ، وحكم واصلي ، وهو الحكم في حقّ من بذل وسعه في طلب العلم بالخطابات الشرعيّة ، استجماع شرائط العمل في مسألة ، والعلم المأخوذ في الشرط أعمّ من العلم بالواقعي والواصلي ، والعلم بالواقعي ۲ لا يحصل بالظواهر وبأخبار الآحاد .
لكنّ العلم بالواصلي يحصل بهما ، وتفصيل بيان الواقعي والواصلي والنسبة بينهما في حواشي ۳ العدّة ۴ .
اعلم أنّ هذا الشرط معلوم من الآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ بنفس الحكم الواقعي وعن الاختلاف عن ظنّ ، الآمرة بسؤال أهل الذِّكر عن كلّ مشتبه ، وهذا الشرط متحقّق في الأخباريّين من الشيعة الإماميّة دون غيرهم ، فإنّ

1.أي أوعد عباده .

2.في «ج» : - «الواصلي والعلم بالواقعي» .

3.في حاشية «أ» : «في أواخر الحاشية الاُولى» .

4.عدّة الاُصول ، ج ۱ ، ص ۱۰ ، نشر مؤسسة آل البيت وبذيله حاشية الشيخ خليل القزويني .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 119192
صفحه از 602
پرینت  ارسال به