وينتهي إليه الشيء ، كضدّ المجاز والراية وما يحقّ على الرجل أن يحميه ، أي يجب ، يقال : فلان حامي الحقيقة ۱ ؛ والخالص الذي لا يشوبه غشّ ، كما في الحديث ؛ «لا يبلغ المؤمن حقيقة الإيمان حتّى لا يعيب مسلما بعيب هو فيه» أي خالص الإيمان ومحضه وكنهَه . ۲
والمراد بالحقائق هنا شواهد القرآن القطعيّة الدلالة على الحقّ ، والصواب في هذه الاُمور المشكلة ، كما يجيء في «كتاب العقل» في أوّل «باب ۳ الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب» من قوله : «إنّ على كلّ حقّ حقيقة ، وعلى كلّ صواب نورا ، فما وافق كتاب اللّه فخذوه ، وما خالف كتاب اللّه فدعوه» .
(لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِيهَا) أي عن أهل الذِّكر عليهم السلام ، وفيه إشارة إلى أنّ نحو قوله تعالى : «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»۴ حقيقة لما ليس فيه اختلاف رواية عن أهل الذكر ، دون ما فيه اختلاف الرواية عنهم ، وذلك إمّا لأنّه لم يصل إلى الأخ بعد ما روى عن أهل الذكر في وجه الخلاص عن الحيرة في الحديثين المختلفين ، وإمّا لأنّه وصل إليه لكن توهّم أنّ أخبار الآحاد طرق لسؤال أهل الذكر في الفروع الفقهيّة ، دون مسائل اُصول الفقه ، وما نحن فيه مسألة أصليّة ، وسيظهر بطلان هذا التوهّم عند قول المصنّف : «وأرجو أن يكون بحيث توخّيت» .
(وَأَنَّكَ) ؛ بفتح الهمزة عطف على «أنّ اُمورا» وإنّما ذِكْرُه الأخ لِدفعِ توهّمِ أنّ اختلاف الرواية ينافي كون المرويّ عنه من أهل الذِّكر .
(تَعْلَمُ أَنَّ اخْتِلَافَ الرِّوايَةِ فِيهَا لِاخْتِلَافِ عِلَلِهَا وَأَسْبَابِهَا) أي ليس للتناقض في فتاوى أهل الذِّكر عليهم السلام وجهل ۵ بعضهم بمسألة ، بل هي لعوارض ونوازل مختلفة تقتضي
1.النحل (۱۶) : ۴۳ ؛ الأنبياء (۲۱) : ۷ .
2.قال الجوهري في الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۴۶۱ : «والحقيقة خلاف المجاز ، والحقيقة : ما يحقّ على الرجل أن يحميه ، وفلان حامي الحقيقة ، ويقال : الحقيقة الراية» .
3.النهاية في غريب الحديث ، ج ۱ ، ص ۴۱۵ ؛ لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۵۲ (حقق) .
4.في حاشية «أ» : «وهو الباب الثالث والعشرون» .
5.في «ج» : «جعل» .