141
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

وينتهي إليه الشيء ، كضدّ المجاز والراية وما يحقّ على الرجل أن يحميه ، أي يجب ، يقال : فلان حامي الحقيقة ۱ ؛ والخالص الذي لا يشوبه غشّ ، كما في الحديث ؛ «لا يبلغ المؤمن حقيقة الإيمان حتّى لا يعيب مسلما بعيب هو فيه» أي خالص الإيمان ومحضه وكنهَه . ۲
والمراد بالحقائق هنا شواهد القرآن القطعيّة الدلالة على الحقّ ، والصواب في هذه الاُمور المشكلة ، كما يجيء في «كتاب العقل» في أوّل «باب ۳ الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب» من قوله : «إنّ على كلّ حقّ حقيقة ، وعلى كلّ صواب نورا ، فما وافق كتاب اللّه فخذوه ، وما خالف كتاب اللّه فدعوه» .
(لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِيهَا) أي عن أهل الذِّكر عليهم السلام ، وفيه إشارة إلى أنّ نحو قوله تعالى : «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»۴ حقيقة لما ليس فيه اختلاف رواية عن أهل الذكر ، دون ما فيه اختلاف الرواية عنهم ، وذلك إمّا لأنّه لم يصل إلى الأخ بعد ما روى عن أهل الذكر في وجه الخلاص عن الحيرة في الحديثين المختلفين ، وإمّا لأنّه وصل إليه لكن توهّم أنّ أخبار الآحاد طرق لسؤال أهل الذكر في الفروع الفقهيّة ، دون مسائل اُصول الفقه ، وما نحن فيه مسألة أصليّة ، وسيظهر بطلان هذا التوهّم عند قول المصنّف : «وأرجو أن يكون بحيث توخّيت» .
(وَأَنَّكَ) ؛ بفتح الهمزة عطف على «أنّ اُمورا» وإنّما ذِكْرُه الأخ لِدفعِ توهّمِ أنّ اختلاف الرواية ينافي كون المرويّ عنه من أهل الذِّكر .
(تَعْلَمُ أَنَّ اخْتِلَافَ الرِّوايَةِ فِيهَا لِاخْتِلَافِ عِلَلِهَا وَأَسْبَابِهَا) أي ليس للتناقض في فتاوى أهل الذِّكر عليهم السلام وجهل ۵ بعضهم بمسألة ، بل هي لعوارض ونوازل مختلفة تقتضي

1.النحل (۱۶) : ۴۳ ؛ الأنبياء (۲۱) : ۷ .

2.قال الجوهري في الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۴۶۱ : «والحقيقة خلاف المجاز ، والحقيقة : ما يحقّ على الرجل أن يحميه ، وفلان حامي الحقيقة ، ويقال : الحقيقة الراية» .

3.النهاية في غريب الحديث ، ج ۱ ، ص ۴۱۵ ؛ لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۵۲ (حقق) .

4.في حاشية «أ» : «وهو الباب الثالث والعشرون» .

5.في «ج» : «جعل» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
140

أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ» فمستقرّ بفتح القاف وكسرها قراءتان ، وعلى الأوّل اسم مكان كمستودع ، والتقدير : فمنكم مستقرّ ومنكم مستودع ، موافقا لآية سورة التغابن : «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ» 1 ، ولا يفيد الحصر ، كما يجيء في «كتاب الإيمان والكفر» في ثاني «باب الضلال» وهو الحادي والسبعون والمائة ؛ أي بعضكم موضع استقرار إيمانه ؛ إذ يبقى معه إلى آخر عمره ، وبعضكم موضع استيداع إيمانه ؛ إذ يؤخذ عنه قبل موته ، وعلى الثاني «مستقرّ» 2 اسم فاعل ، أي مستقرّ في إيمانه ، فمآل القراءتين واحد . 3 (وَذَكَرْتَ أَنَّ أُمُورا) أي من الأحكام الفرعيّة الغير 4 المتعلّقة لابما 5 يتنازع فيه رجلان من دَين أو ميراث بقرينة ما يجيء من التوسيع 6 في جوابه ؛ مع ما يجيء في كتاب العقل في آخر باب اختلاف الحديث من الترتيب والتضييق في جواب السؤال عمّا فيه تنازع بين رجلين من أصحابنا كدين أو ميراث .
(قَدْ أَشْكَلَتْ عَلَيْكَ ، لَاتَعْرِفُ حَقَائِقَهَا) ؛ جمع حقيقة ، وهي الأصل الذي يستند

1.التغابن (۶۴) : ۲ .

2.في «أ» : + «أي» .

3.في «ج» : «منطوق الآية بل بواطنه ، وظاهر كلام المصنّف فيما سبق من قوله : «وأن يكون إيمانه ثابتا مستقرا» ، وقوله : «أن يكون دينه معارا مستودعا» وظاهر هذا الحديث أنّ الراجح في «فمستقر» كسر القاف كما قرأه ابن كثير وأبو عمرو يعقوب برواية روح وزيد ، وأن التقدير : فبعض أحوالكم مستقر أي راسخ كشمائل الإنسان من كيفية صوته وشكله وغير ذلك ، وبعض أحوالكم مستودع أي غير راسخ كالصحة والمرض والنوم واليقظة وغير ذلك وفي حكم ذلك أن يكون بعض الأحوال راسخا في بعض الناس وغير راسخ في بعض آخر ، ومن هذا القبيل الإيمان» بدل من قوله : «الضمير لقوم وتقديم ...» إلى هنا .

4.في «أ» : «فرعية غير».

5.في «أ» : «لا مما» وفي «د» : «بما» .

6.في حاشية «أ» : «فإنّ ما يجيء في الخطبة وفي تاسع الثاني والعشرين من التوسيع مختصّ بالعبادات ، غير جارٍ في المعاملات كالدين والميراث ، بقرينة ما يجيء في آخر الثاني والعشرين ، حيث سئل فيه عن وجه الترجيح في الحديثين المختلفين الواردين في دين أو ميراث ، وأجاب عليه السلام بعد ذكر وجوه من الترجيحات وسؤال الراوي عن صورة تساويهما في تلك الوجوه بقوله عليه السلام : «فأرجه حتّى تلقى إمامك ، فإنّ الوقوف عند الشبهات خيرٌ من الاقتحام في الهلكات» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 119094
صفحه از 602
پرینت  ارسال به