اعلم أنّ المراد بالصحيح ما يجوز العمل به باتّفاق الإماميّة ، وهو ما يكون كلّ واحد من رواته ممّن أجمعت الطائفة المحقّة في قديم الدهر وحديثه على العمل برواية مثله ، سواء أفاد ظنّا أم لم يفد ، وقد بيّن ذلك شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتاب عدّة الاُصول ۱
، وليس المراد بالصحيح ما هو على اصطلاح المتأخّرين ، وهو ما يكون كلّ واحد من رواته عدلاً إماميّا ۲ ، ولا ما توهّمه بعض المتأخّرين ، وهو أن يكون معلوم الصدور عن أحد الأئمّة بالقرائن المفيدة للقطع . ۳
قال : قلت : في قوله رحمه اللّه : «وذكرت أنّ اُمورا قد أشكلت عليك لا تعرف حقائقها لاختلاف الرواية فيها» إلى آخره ، تصريحٌ بأنّه طلب منه ما يرتفع به إشكاله وحيرته ، فلو فرضنا أنّ كتاب الكافي مشتمل على ما علم وروده عنهم عليهم السلام وعلى ما لم يعلم ـ ولا يخفى أنّ المصنّف رحمه اللّه تعالى لم يذكر له قاعدة بها يميّز بين البابين ـ لزاده هذا الكتاب إشكالاً وحيرة .
وكلام المصنّف رحمه اللّه تعالى صريح في أنّه صنّف له ما يرتفع به إشكاله وحيرته ، فعلم من ذلك أنّ قصده ـ رحمه اللّه تعالى ـ من قوله : «بالآثار الصحيحة» إلى آخره ، أنّ كلّ ما في كتابه كذلك ، وأيضا في قوله رحمه اللّه تعالى : «ما يكتفي به المتعلّم ويرجع إليه المسترشد» دلالة صريحة على ما ذكرناه ، فإنّ المتعلّم كيف يكتفي بما يتحيّر فيه فُحُول العلماء المتبحّرين . وفيما نقلناه في حواشي تمهيد القواعد عن السيّد المرتضى قدس سره ۴ في حال الأحاديث المرويّة في كتبنا تأييد لما ذكرنا ؛ فافهم .
ثمّ قال : الصحيح عند قدماء أصحابنا الأخباريّين ما علم بقرينة وروده عن المعصوم . ۵ انتهى .
1.عدّة الاُصول ، ج ۱ ، ص ۸۷ ، وفي طبعة اُخرى ، ج ۱ ، ص ۲۷۳ .
2.اُنظر: مشرق الشمسين للبهائي ، ص ۲۶۹ ؛ الرواشح السماوية ، ص ۷۲ ؛ رسائل في دراية الحديث (الوجيزة للشيخ البهائي) ، ج ۲ ، ص ۵۲۶ .
3.قد يكون المراديه التقي المجلسي في روضة المتقين ، ج ۱۴ ، ص ۱۰ .
4.غير موجود .
5.اُنظر: روضة المتقين ، ج ۱۴ ، ص ۱۰ .