143
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

اعلم أنّ المراد بالصحيح ما يجوز العمل به باتّفاق الإماميّة ، وهو ما يكون كلّ واحد من رواته ممّن أجمعت الطائفة المحقّة في قديم الدهر وحديثه على العمل برواية مثله ، سواء أفاد ظنّا أم لم يفد ، وقد بيّن ذلك شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتاب عدّة الاُصول ۱
، وليس المراد بالصحيح ما هو على اصطلاح المتأخّرين ، وهو ما يكون كلّ واحد من رواته عدلاً إماميّا ۲ ، ولا ما توهّمه بعض المتأخّرين ، وهو أن يكون معلوم الصدور عن أحد الأئمّة بالقرائن المفيدة للقطع . ۳
قال : قلت : في قوله رحمه اللّه : «وذكرت أنّ اُمورا قد أشكلت عليك لا تعرف حقائقها لاختلاف الرواية فيها» إلى آخره ، تصريحٌ بأنّه طلب منه ما يرتفع به إشكاله وحيرته ، فلو فرضنا أنّ كتاب الكافي مشتمل على ما علم وروده عنهم عليهم السلام وعلى ما لم يعلم ـ ولا يخفى أنّ المصنّف رحمه اللّه تعالى لم يذكر له قاعدة بها يميّز بين البابين ـ لزاده هذا الكتاب إشكالاً وحيرة .
وكلام المصنّف رحمه اللّه تعالى صريح في أنّه صنّف له ما يرتفع به إشكاله وحيرته ، فعلم من ذلك أنّ قصده ـ رحمه اللّه تعالى ـ من قوله : «بالآثار الصحيحة» إلى آخره ، أنّ كلّ ما في كتابه كذلك ، وأيضا في قوله رحمه اللّه تعالى : «ما يكتفي به المتعلّم ويرجع إليه المسترشد» دلالة صريحة على ما ذكرناه ، فإنّ المتعلّم كيف يكتفي بما يتحيّر فيه فُحُول العلماء المتبحّرين . وفيما نقلناه في حواشي تمهيد القواعد عن السيّد المرتضى قدس سره ۴ في حال الأحاديث المرويّة في كتبنا تأييد لما ذكرنا ؛ فافهم .
ثمّ قال : الصحيح عند قدماء أصحابنا الأخباريّين ما علم بقرينة وروده عن المعصوم . ۵ انتهى .

1.عدّة الاُصول ، ج ۱ ، ص ۸۷ ، وفي طبعة اُخرى ، ج ۱ ، ص ۲۷۳ .

2.اُنظر: مشرق الشمسين للبهائي ، ص ۲۶۹ ؛ الرواشح السماوية ، ص ۷۲ ؛ رسائل في دراية الحديث (الوجيزة للشيخ البهائي) ، ج ۲ ، ص ۵۲۶ .

3.قد يكون المراديه التقي المجلسي في روضة المتقين ، ج ۱۴ ، ص ۱۰ .

4.غير موجود .

5.اُنظر: روضة المتقين ، ج ۱۴ ، ص ۱۰ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
142

اختلاف الروايات من التقيّة ، أو نسيان الراوي ، أو سهوه ، أو إرادته نقل الرواية بالمعنى ، أو كذبه ، أو إسقاط بعض الكلام ، أو نحو ذلك .
(وَأَنَّكَ) ؛ بفتح الهمزة . (لَا تَجِدُ بِحَضْرَتِكَ مَنْ تُذَاكِرُهُ وَتُفَاوِضُهُ) أي تحادثه ؛ مفاعلة من التفويض ، كأنّ كلّ واحد منهما ردَّ ما عنده إلى صاحبه .
(مِمَّنْ تَثِقُ بِعِلْمِهِ) أي ممّن يحصل لك ببيانه الحقائقَ العلمُ بالحقائق ، فتعتمد على علمه .
(فِيهَا) أي في الاُمور المشكلة الحقائق . والظرف متعلّق إمّا بتذاكره وإمّا بعلمه .
اعلم أنّ هذا الكلام من المصنّف مبنيّ على أنّه كان بحضرة المصنّف مَن يفاوضه من السفراء من جانب من يوثق بعلمه ، وهو صاحب الزمان عليه السلام ؛ ووجهه أنّ المصنّف رحمه اللهكان حينئذٍ في بغداد وحواليه في الغيبة الصغرى ، وكان مجاورا للسفراء .
(وَقُلْتَ : إِنَّكَ تُحِبُّ) بالمهملة وشدّ الموحّدة (أَنْ يَكُونَ عِندَكَ كِتَابٌ كَافٍ يَجْمَعُ۱مِنْ جَمِيعِ فُنُونِ عِلْمِ الدِّينِ مَايَكْتَفِي بِهِ الْمُتَعَلِّمُ) أي طالب العلم باُصول الدِّين .
(وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ الْمُسْتَرْشِدُ) أي طالب البرهان على اُصول الدِّين .
(وَيَأْخُذُ مِنْهُ مَنْ يُرِيدُ عِلْمَ الدِّينِ) . المراد به العلم باُصول الفقه والفروع الفقهيّة .
(وَالْعَمَلَ بِهِ) أي بعلم الدِّين .
(بِالْاثارِ الصَّحِيحَةِ) . هذا في الفروع الفقهيّة وفي اُصول الفقه أيضا ، والباء للاستعانة ، والظاهر أنّ الظرف متعلّق «بعلم الدِّين والعمل به» لا بالسابق أيضا ، فإنّ أحاديث اُصول الدِّين ليست عمليّة من حيث إنّها من اُصول الدِّين ، كما يظهر ممّا ذكرنا في تفسير اُصول الدِّين عند قوله : «أمّا بعد» إلى آخره ، فليس للصحّة فيها كثير نفع ولا حاجة لها كثيرا إلى الصحّة ، إنّما سندها متنها أو متن مثلها ممّا يعاضدها ، ويشتمل على البرهان أو تحرير محلّ النزاع ، بحيث ۲ يظهر به الحقّ أو تصوير السند للمنع لدفع الشبه عن الحقّ أو نحو ذلك .

1.في الكافي المطبوع : + «فيه» .

2.في «ج» : «حيث» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 118895
صفحه از 602
پرینت  ارسال به