اللّه صلى الله عليه و آله فإنّه قد اختلف فيها ۱ الروايات عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فمنهم مَن روى : اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر ۲ ، ومنهم من روى خلاف ذلك .
فهذه الأقوال الثلاثة ثلاثة براهين على إمامة عليّ ـ صلوات اللّه عليه ـ بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله بلا واسطة :
الأوّل : العرض على الآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ ، فإنّها صريحة في إبطال روايات إمامة مَن غاية دعواه الاجتهاد واتّباع الظنّ .
الثاني : ترك ما وافق القوم واتّباع خلافهم ، وذلك أنّ آيات كثيرة وروايات كثيرة متّفقٌ عليها بين الفريقين صريحة في أنّ أكثر قريش وأكثر الأصحاب يُؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة ، ويرتدّون على أعقابهم بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ ففي سورة الأعلى : «بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْاخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّ هَذَا لَفِى الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى»۳ ، وفي سورة الزخرف : «وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ»۴ . ۵
1.في «ج» : «فيه» .
2.مسند أحمد ، ج ۵ ، ص ۳۸۲ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۳۷ ، ح ۹۷ ؛ سنن الترمذي ، ج ۵ ، ص ۳۳۳ ، ح ۳۸۸۷ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۵ ، ص ۲۱۲ .
3.الأعلى (۸۷) : ۱۶ ـ ۱۹ .
4.الزخرف (۴۳) : ۵۷ ـ ۵۸ .
5.في حاشية «أ» : «ويؤيّدها ما رواه الشيخ الطبرسي رحمه اللّه في مجمعه عن عليّ عليه السلام أنّه قال : جئت إلى النبيّ صلى الله عليه و آله يوما فوجدته في ملأ من قريش فنظر إليَّ ثمّ قال : يا عليّ إنّما مثلك في هذه الاُمّة كمثل عيسى بن مريم أحبّه قوم فأفرطوا في حبّه فهلكوا وأبغضه قوم وأفرطوا في بغضه فهلكوا واقتصد فيه قوم فنجوا . فعظم ذلك عليهم وضحكوا وقالوا : يشبّهه بالأنبياء والرسل فنزلت الآية .
وروى عليّ بن إبراهيم في تفسيره بإسناده عن سلمان الفارسي رضى الله عنه قال : بينما رسول اللّه صلى الله عليه و آله جالسٌ في أصحابه إذ قال : إنّه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى بن مريم ، فخرج بعض من كان جالسا مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله ليكون هو الداخل فدخل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال الرجل لبعض أصحابه : أما رضي محمّدٌ أن فضّل علينا عليّا حتّى يشبّهه بعيسى بن مريم، واللّه لآلهتنا التي كنّا نعبد في الجاهلية لأفضل منه ، فأنزل اللّه في ذلك المجلس : «وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ» . انتهى .