147
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

اللّه صلى الله عليه و آله فإنّه قد اختلف فيها ۱ الروايات عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فمنهم مَن روى : اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر ۲ ، ومنهم من روى خلاف ذلك .
فهذه الأقوال الثلاثة ثلاثة براهين على إمامة عليّ ـ صلوات اللّه عليه ـ بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله بلا واسطة :
الأوّل : العرض على الآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ ، فإنّها صريحة في إبطال روايات إمامة مَن غاية دعواه الاجتهاد واتّباع الظنّ .
الثاني : ترك ما وافق القوم واتّباع خلافهم ، وذلك أنّ آيات كثيرة وروايات كثيرة متّفقٌ عليها بين الفريقين صريحة في أنّ أكثر قريش وأكثر الأصحاب يُؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة ، ويرتدّون على أعقابهم بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ ففي سورة الأعلى : «بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْاخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّ هَذَا لَفِى الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى»۳ ، وفي سورة الزخرف : «وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ»۴ . ۵

1.في «ج» : «فيه» .

2.مسند أحمد ، ج ۵ ، ص ۳۸۲ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۳۷ ، ح ۹۷ ؛ سنن الترمذي ، ج ۵ ، ص ۳۳۳ ، ح ۳۸۸۷ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۵ ، ص ۲۱۲ .

3.الأعلى (۸۷) : ۱۶ ـ ۱۹ .

4.الزخرف (۴۳) : ۵۷ ـ ۵۸ .

5.في حاشية «أ» : «ويؤيّدها ما رواه الشيخ الطبرسي رحمه اللّه في مجمعه عن عليّ عليه السلام أنّه قال : جئت إلى النبيّ صلى الله عليه و آله يوما فوجدته في ملأ من قريش فنظر إليَّ ثمّ قال : يا عليّ إنّما مثلك في هذه الاُمّة كمثل عيسى بن مريم أحبّه قوم فأفرطوا في حبّه فهلكوا وأبغضه قوم وأفرطوا في بغضه فهلكوا واقتصد فيه قوم فنجوا . فعظم ذلك عليهم وضحكوا وقالوا : يشبّهه بالأنبياء والرسل فنزلت الآية . وروى عليّ بن إبراهيم في تفسيره بإسناده عن سلمان الفارسي رضى الله عنه قال : بينما رسول اللّه صلى الله عليه و آله جالسٌ في أصحابه إذ قال : إنّه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى بن مريم ، فخرج بعض من كان جالسا مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله ليكون هو الداخل فدخل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال الرجل لبعض أصحابه : أما رضي محمّدٌ أن فضّل علينا عليّا حتّى يشبّهه بعيسى بن مريم، واللّه لآلهتنا التي كنّا نعبد في الجاهلية لأفضل منه ، فأنزل اللّه في ذلك المجلس : «وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ» . انتهى .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
146

(أَنَّهُ لَا يَسَعُ أَحَدا تَمْيِيزُ شَيْءٍ مِمَّا اخْتَلفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنِ الْعُلَمَاءِ عليهم السلام بِرَأْيِهِ ، إِلَا عَلى مَا أَطْلَقَهُ الْعَالِمُ بِقَوْلِهِ عليه السلام۱: اِعْرِضُوهُمَا۲عَلى كِتَابِ اللّهِ ، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللّهِ ـ جلَّ وعزَّ۳ـ فَخُذُوهُ ، وَمَا۴خَالَفَ كِتَابَ اللّهِ فرُدُّوهُ . وَقَوْلِهِ عليه السلام : دَعُوا مَا وَافَقَ القَوْمَ ؛ فَإِنَّ الرُّشْدَ فِي خِلَافِهِمْ . وَقَوْلِهِ عليه السلام : خُذُوا بِالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَارَيْبَ فِيهِ) .
تقول : ميّزه وأمازه إذا أفرزه واختاره ، كمازه من باب ضرب ، وضدّ ۵ التمييز التسوية .
والمراد بـ «ما» الموصولة في قوله : «ممّا اختلفت» ما لا منازعة فيه بين رجلين ، كالعبادات المحضة ،بقرينة ما يجيء بُعيدَ هذا من التوسيع فيه بقوله : «ولا نجد» إلى آخره ، مع ما يجيء في آخر «باب ۶ اختلاف الحديث» من «كتاب العقل» من حظر التوسيع فيما فيه منازعة ، وهذا شامل للتصديق بإمامة الإمام الحقّ بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وإن لم يكن داخلاً فيما سأل عنه الأخ .
والاختلاف : التناقض ، والمراد بـ «العلماء» رسول اللّه وأوصياؤه الاثنا عشر عليهم السلام . والباء للسببيّة . والرأي : الاعتقاد الحاصل بالفكر . والاستثناء متّصل ۷ ، فلو كان المراد بالرأي الظنّ لكان الاستثناء منقطعا .
و«على» بنائيّة ، و«ما» موصولة ، والإطلاق ـ بالمهملة والقاف ـ : الإعطاء مأخوذ من الطلق بالكسر وهو الحلال . والمراد بالعالم هنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وذكر الأقوال الثلاثة بدون ترتيب بينَها يدلّ على أنّ ما يجري فيه أحدها يجري فيه الآخران أيضا ، ومورد جميع الثلاثة مسألة التصديق بإمامة الإمام الحقّ بعد رسول

1.في الكافي المطبوع : «عزّوجلّ» .

2.في الكافي المطبوع : «العالم عليه السلام يقوله» .

3.في الكافي المطبوع : «اعرضوها» .

4.في «ج» : «فما» .

5.في «أ» : «وضده» .

6.في حاشية «أ» : «وهو الباب الثاني والعشرون» .

7.في حاشية «أ» : «وذلك لأنّ هذا الكلام أعمّ من أن يكون فيما أطلقه العالم أو الاُصول أو نحوها» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 118842
صفحه از 602
پرینت  ارسال به