واعلم أنّ هذا التخيير لاينافي ما يجيء في «كتاب العقل» في العاشر والحادي عشر من «باب اختلاف الحديث» وهو ترجيح الأخير من حكمَيْ إمام أو إمامين ، فإنّ ما يجيء مخصوص بصورة العلم بخبر الإمام الحيّ ، أو بقاء دولة الظالم الذي وقع الحكم الأخير في زمانه ، ولا يجري في نحو هذه ۱ الأزمان .
(وَقَدْ يَسَّرَ اللّهُ ـ وَلَه الْحَمْدُ ـ تَأْلِيفَ مَا سَأَلْتَ) يدلّ على أنّ تأليف الخطبة كان بعد تأليف الكتاب .
(وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ تَوَخَّيْتَ) .
التاء للمخاطب ۲ ، أي قصدتَ وتحرّيتَ . وهذا تقرير و بيان لكون ما في الكتاب على ما ذكره السائل من الآثار الصحيحة والسنن القائمة ، إلى آخره .
اعلم أنّ هذا الكلام من المصنّف مبنيّ على مسألة ، وهي أنّ العمل بأخبار الآحاد الجامعة لشروط الصحّة جائز في فروع الفقه وفي اُصوله أيضا ، وأنّه لاينافي ذلك شرط اللّه على عباده أن يؤدّوا جميع فرائضه بعلم ويقين وبصيرة . ووجهه أنّ هذه المسألة من مسائل اُصول الفقه متواترة معنى عن الأئمّة عليهم السلام ، ومن تتبّع أدنى تتبُّع عَلِمَ أنّ أصحاب الأئمّة عليهم السلام كانوا مجمعين على العمل بهذه المسألة بدون فرق بين اُصول الفقه وفروعه .
(فَمَهْمَا كَانَ فِيهِ مِنْ تَقْصِيرٍ فلم تُقَصّرْ) بصيغة المعلوم الغائبة من باب التفعيل .
(نِيَّتُنَا فِي إِهْدَاءِ النَّصِيحَةِ ؛ إِذْ كَانَتْ وَاجِبَةً لِاءِخْوَانِنَا وَأَهْلِ مِلَّتِنَا) أي الذين هم على الجهالة في اُصول الدِّين ، والجهل فيها يستلزم الجهل في الفروع .
(مَعَ مَا رَجَوْنَا أَنْ نَكُونَ مُشَارِكِينَ لِكُلِّ مَنِ اقْتَبَسَ مِنْهُ ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ فِي دَهْرِنَا هذَا ، وَفِي غَابِرِهِ) أي مستقبله (إِلَى انْقِضَاءِ الدُّنْيَا) ؛ فإنّ هذا الرجاء يوجب ترك التقصير .
(إِذِ الرَّبُّ ـ جَلَّ وَعَزَّ۳ـ وَاحِدٌ) . تعليل لانتفاء الفرق بين دهرنا هذا وغابره .