151
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

واعلم أنّ هذا التخيير لاينافي ما يجيء في «كتاب العقل» في العاشر والحادي عشر من «باب اختلاف الحديث» وهو ترجيح الأخير من حكمَيْ إمام أو إمامين ، فإنّ ما يجيء مخصوص بصورة العلم بخبر الإمام الحيّ ، أو بقاء دولة الظالم الذي وقع الحكم الأخير في زمانه ، ولا يجري في نحو هذه ۱ الأزمان .
(وَقَدْ يَسَّرَ اللّهُ ـ وَلَه الْحَمْدُ ـ تَأْلِيفَ مَا سَأَلْتَ) يدلّ على أنّ تأليف الخطبة كان بعد تأليف الكتاب .
(وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ تَوَخَّيْتَ) .
التاء للمخاطب ۲ ، أي قصدتَ وتحرّيتَ . وهذا تقرير و بيان لكون ما في الكتاب على ما ذكره السائل من الآثار الصحيحة والسنن القائمة ، إلى آخره .
اعلم أنّ هذا الكلام من المصنّف مبنيّ على مسألة ، وهي أنّ العمل بأخبار الآحاد الجامعة لشروط الصحّة جائز في فروع الفقه وفي اُصوله أيضا ، وأنّه لاينافي ذلك شرط اللّه على عباده أن يؤدّوا جميع فرائضه بعلم ويقين وبصيرة . ووجهه أنّ هذه المسألة من مسائل اُصول الفقه متواترة معنى عن الأئمّة عليهم السلام ، ومن تتبّع أدنى تتبُّع عَلِمَ أنّ أصحاب الأئمّة عليهم السلام كانوا مجمعين على العمل بهذه المسألة بدون فرق بين اُصول الفقه وفروعه .
(فَمَهْمَا كَانَ فِيهِ مِنْ تَقْصِيرٍ فلم تُقَصّرْ) بصيغة المعلوم الغائبة من باب التفعيل .
(نِيَّتُنَا فِي إِهْدَاءِ النَّصِيحَةِ ؛ إِذْ كَانَتْ وَاجِبَةً لِاءِخْوَانِنَا وَأَهْلِ مِلَّتِنَا) أي الذين هم على الجهالة في اُصول الدِّين ، والجهل فيها يستلزم الجهل في الفروع .
(مَعَ مَا رَجَوْنَا أَنْ نَكُونَ مُشَارِكِينَ لِكُلِّ مَنِ اقْتَبَسَ مِنْهُ ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ فِي دَهْرِنَا هذَا ، وَفِي غَابِرِهِ) أي مستقبله (إِلَى انْقِضَاءِ الدُّنْيَا) ؛ فإنّ هذا الرجاء يوجب ترك التقصير .
(إِذِ الرَّبُّ ـ جَلَّ وَعَزَّ۳ـ وَاحِدٌ) . تعليل لانتفاء الفرق بين دهرنا هذا وغابره .

1.في «ج» : «هذا» .

2.في «ج ، د» : «التاء للخطاب» .

3.في الكافي المطبوع : «جلّ وعزّ» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
150

وقوله : «ذلك كلّه» إشارة إلى جميع ما سأل الأخ عنه ، وقد ذكرنا أنّ مسألة الإمامة ليست داخلة فيه .
وقوله : «وقبول» إلى آخره ناظر إلى قوله : «أوسع» ففي الكلام نشر على ترتيب اللّف . ۱
ويظهر بهذا التقرير أنّ مقصود المصنّف رحمه الله أنّه لا يجري في شيء ممّا سأل عنه الأخ شيء من الأقوال الثلاثة ، إنّما يجري فيه التوسيع ، بخلاف ما فيه تنازع بين رجلين كما يجيء في كتاب العقل في آخر باب اختلاف الحديث ۲ من مقبولة عمر بن حنظلة فإنّ فيه ترتيبا .
وقال صاحب الفوائد المدنيّة : «كأنّ مقصوده ـ رحمه اللّه ـ ذلك مع فقد الترجيحات المذكورة» ۳ انتهى .
وفيه ما فيه .
والمراد بالعالم هنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله أو أبو عبداللّه عليه السلام فإنّه منقول عنه فيما يجيء في «كتاب العقل» في الثامن والتاسع من «باب اختلاف الحديث» . والمآل واحد .
و«ما» مصدرية و«من» في «من الأمر» اسم بمعنى البعض ، ومنصوب محلّاً على أنّه مفعول «وسع» ، وفيه إشارة إلى أنّ التوسيع مع شائبة تضييق لقوله : من باب التسليم ، فإنّه يدلّ على أنّه إن كان مع اتّباع ظنّ بأحدهما كان حراما ، وربما كان الأحوط حينئذٍ اختيار خلاف المظنون .
و«الأمر» : الشأن ، وضمير «فيه» لذلك كلّه ، ومعنى التسليم يجيء في كتاب الحجّة في باب التسليم وفضل المسلمين . ۴

1.في حاشية «أ» : «وهو الباب الثاني والعشرون» .

2.في «د» : «وقوله : وقبول إلى آخره ناظر إلى قوله : أوسع ففي الكلام تفسير على ترتيب اللف ، وقوله : ذلك كله إشارة إلى جميع ما سأل الأخ عنه وقد ذكرنا أنّ مسألة الإمامية ليست داخلة فيه» بدل من «وقوله : ذلك كلّه» إلى هنا .

3.الفوائد المدنية ، ص ۵۲۶ .

4.في حاشية «أ» : «وهو الباب الرابع والتسعون» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 118795
صفحه از 602
پرینت  ارسال به