وقوله : «خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ»۱ أي حكموا من عند أنفسهم ، كما يحكم اللّه من عند نفسه ، فاشتبه الحكم على الشركاء ؛ لضعف عقولهم عن إدراكه فتردّدوا ، أو حكموا عن ظنّ ، وإن اُريد بخلق كلّ شيء ما هو ردّ على القدريّة اُريد بخلقهم كخلقه تقديرهم لكلّ كائن ، فهو إشارة إلى أنّ الحاكم من عند نفسه يجب أن يكون عالما بجميع الجهات الغير المتناهية لفعل أو ترك حتّى يعلم حسنهُ أو قبحه الواقعي ، وليس هكذا إلّا من هو مقدّر لكلّ كائن .
إن قلت : أهل الاجتهاد يستندون في جواز الاجتهاد شرعا إلى آيات من القرآن وأحاديث ، فهو من الحقّ الذي فيما أنزل .
قلت : جواز الاجتهاد مسألة اُصوليّة ، وكما أنّ الحكم في المسائل الاُصوليّة منقسم إلى حقّ وباطل ، كذلك الحكم في المسائل الفروعيّة منقسم إليهما ، فحكمهم في المسائل الفروعيّة واختلافهم فيها لابدّ أن يشتمل على الباطل وخلاف ما أنزل اللّه ؛ لاستحالة مطابقة ما أنزل للنقيضين ، فماذا بعد الحقّ إلّا الضلال ، وخرافات المصوّبة لكلّ مجتهد ظاهر البطلان ، وقال تعالى في سورة محمّد صلى الله عليه و آله : «ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ»۲ .
«إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ» : إنّما يتنبّه للفرق بين الإمامين «أُولوُا الألْبَابِ»۳ وَقَالَ) في سورة الزمر : ( «أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ» : قائم بوظائف ما أمر به ، و«أم» منقطعة ، والمعنى : بل أَمّن هو قانت من أصحاب النار . والاستفهام إنكاري ، نحو : «أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمْ الْبَنُونَ»۴ .
وفي «كتاب الروضة» بعد حديث قوم صالح ما يدلّ على أنّ ما قبله نزل في أبي بكر ، وأنّ المراد بمَن هو قانتٌ عليّ عليه السلام . ۵