215
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

بدلالتها على أهل الذكر عليهم السلام معانيَ المتشابهات بواسطة أهل الذِّكر بالسماع منهم .
أو هو تنبيه على ما في الآيات قبله من قوله تعالى : «يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِى الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ»۱ الآيات من الدلالة على أنّه لا يجعل اللّه الذين هم علماء يحكمون بين الناس بالحقّ كالجهّال الذين يحكمون بينهم بالظنّ .
«وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الألْبابِ»۲ ) . هم شيعة أهل البيت المعصومين كما مرَّ آنفا .
(وَقَالَ) في سورة المؤمن :
( «وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى» : ما يهتدي به من المعجزات .
«وَأوْرَثْنَا بَنِى إِسْرائِيلَ الْكِتَابَ» : وجعلنا أوصياء موسى من بني إسرائيل وارثين للكتاب من موسى ، وهو التوراة . والمراد إيراث العلم بجميعه ، كما في قوله تعالى في سورة فاطر : «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا»۳ .
«هُدىً وَذِكْرى» ؛ مفعول له ، أي هدايةً وتذكرة ؛ أو حال عن الكتاب ، أي هاديا ومذكّرا .
«لِأُولِى الْأَلْبَابِ»۴ ) ؛ فإنّهم الذين يعرفون أنّ الوصيّ في كلّ زمان من بني إسرائيل مَن عندهُ العلم بجميع الكتاب ، دون مَن هو جاهل منهم بالجميع .
إن قلت : هل تدلّ هذه الآيات على أن ليس أحدٌ من غير الأوصياء عالما بجميع الشريعة والكتاب؟
قلت : لا ، إنّما تدلّ على أنّ المدّعين للخلافة والمنكرين للوصاية ليسوا عالمين ، وأمّا من يسلّم للوصيّ حقّه ويُظهر نفي خلافته في زمان ليس خليفة فيه فربّما كان عالما .

1.ص (۳۸) : ۲۶ .

2.ص (۳۸) : ۲۹ .

3.فاطر (۳۵) : ۳۲ .

4.المؤمن (۴۰) : ۵۷ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
214

«آنَاءَ اللَّيْلِ» : ساعاته ، وهو إشارة إلى حسن التفريق في صلاة الليل ، كما هو المرويّ من فعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ويجيء في «كتاب الصلاة» في حادي عشر «باب صلاة النوافل» وثالث عشره .
«سَاجِدا وَقَائِما» أي مظلوما ومُمكّنا .
«يَحْذَرُ الْاخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ» أي لا يعمل بمقتضى تمشّي الاُمور ونظام المملكة في الدنيا ، كما هو شأن أئمّة الضلالة أوّلوا وخصّصوا الأحكام الشرعيّة بالمصالح المرسلة والاستحسان ونحوهما ۱ ، وبذلك انتظم أمر دنياهم ، بل يتقيّد بقيود الشريعة .
وظاهر الآية يبطل القول بأنّ العبادة لخوف العقاب ورجاء الثواب باطل أو ناقص ، كعمل العبيد والاُجراء ، وكذا ظاهر قوله في سورة الإنسان : «إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْما عَبُوسا قَمْطَرِيرا»۲ .
«قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ» ؛ أي ما يقولون في الشرع ، وعبّر عنه في «كتاب الروضة» بأنّ محمّدا رسولُ اللّه تأكيدا بالإشارة إلى أنّ الأوّل لا ينفكّ عن الثاني ، أو ما به الحذر والرجاء من الأعمال ، أو كلّ الشريعة ومتشابه القرآن .
«وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ» للفرق بين الإمامين «أُولُوا الْألْبَابِ»۳ ) . هم شيعة أهل البيت المعصومين عليهم السلام ، كما بيّنّا في أوّل الحديث ، ويجيء في «كتاب الحجّة» في «باب ۴ أنّ من وصفه اللّه تعالى في كتابه بالعلم هو الأئمّة صلوات اللّه عليهم ۵ » .
(وَقَالَ) في سورة ص :
( «كِتَابٌ أنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ» ؛ فيعرفوا معاني المحكمات ، ثمّ يعرفوا

1.في «ج» : «ونحوها».

2.الإنسان (۷۶) : ۱۰ .

3.الزمر(۳۹) : ۹ .

4.في حاشية «أ» : «وهو الباب الثاني والعشرون ، فإنّ فيه هكذا : عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّوجلّ : «هَلْ يَسْتَوِيَ الَّذِيْنَ يَعْلَمُونَ ...» الآية . قال : نحن الذين يعلمون ، وعدوّنا الذين لايعلمون ، وشيعتنا اُولوالألباب ، ويوافق هذا ما نقله الطبرسي رحمه الله في مجمعه في تفسيره هذه الآية» .

5.في الكافي المطبوع : «هم الأئمة عليهم السلام » بدل من «هو الأئمة صلوات اللّه عليهم» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 128070
صفحه از 602
پرینت  ارسال به