شوائب الهوى والميل إلى ما حكم به ، فلا بصيرة له في التفكّر .
(وَلِكُلِّ شَيْءٍ مَطِيَّةً) ؛ هي الدابّة تمطو في سيرها ، أي تسرع فيركب عليها .
(وَمَطِيَّةُ الْعَقْلِ) أي ما يسرع به وصول العقل إلى الحقّ .
(التَّوَاضُعُ) أي التذلّل للحقّ المعلوم بالمحكمات الناهية عن الاختلاف وعن اتّباع الظنّ .
(وَكَفى بِكَ) ؛ من الخطاب العامّ .
(جَهْلاً) أي اتّباعا للهوى .
(أَنْ تَرْكَبَ) أي أن تجعل مطيّتك .
(مَا نُهِيتَ عَنْهُ) ؛ بصيغة المجهول . والمراد اتّباع الظنّ والاختلاف ، وهو ضدّ التواضع للحقّ المعلوم بالمحكمات .
(يَا هِشَامُ) . هذا من النوع الأوّل ، وفيه تعيين للحقّ الذي يجب التواضع له .
(مَا بَعَثَ اللّهُ أَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ إِلى عِبَادِهِ إِلَا لِيَعْقِلُوا عَنِ اللّهِ) أي ليتعلّموا عنه بالتأدّب بالآداب الحسنة في تحصيل العلم ، ومفعوله محذوف ، أي الحقّ الذي يمكن أن يختلفوا فيه بآرائهم ، وهو من الغيب ، قال تعالى في سورة البقرة : «كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ» 1 الآية ، وفي سورة يونس : «وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَا أُمَّةً وَاحِدَةً» 2 الآية ، أي كانوا جاهلين بالغيب محتاجين إلى بعث الرُّسل ، لئلّا يختلفوا بآرائهم ، وقال تعالى في سورة النحل وسورة الأنبياء : «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» 3 ، ويجيء بيانه في عاشر باب النوادر .
وقال في سورة المؤمنين : «يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ * فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ * فَذَرْهُمْ فِى غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ * أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ