كان في شريعة كلّ رسول بقوله : «واسأل» ، فالمراد بالآلهة الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به اللّه ، كما في قوله في سورة حم عسق : «أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا»۱ الآية ، بقرينة أنّ بطلان نحو عبادة الأوثان لا يحتاج إلى سؤال ، إنّما الصعب المستصعب نفي تجويز الاختلاف ونفي الحكم بالظنّ في الدِّين .
ويمكن أن يكون المراد بـ «السؤال» هنا طلب قراءة كتبهم كما في قوله تعالى في سورة يونس : «فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمْ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فَإِنْ كُنْتَ فِى شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ»۲ أي النهي عن الاختلاف وعن الحكم بالظنّ مذكور صريحا فيما لم يحرّفوه من الكتب .
وفي «كتاب الروضة» بعد حديث آدم مع الشجرة أنّ السؤال وقع ليلة الإسراء ۳ .
ولأمثال هذه الآيات البيّنات الناهية عن الاختلاف في أحكام الدِّين ، قال تعالى في سورة آل عمران : «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْاءِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ»۴ ، وقال فيها : «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْاءِسْلَامِ دِينا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الْاخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ كَيْفَ يَهْدِى اللّهُ قَوْما كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ»۵ ، وقال فيها : «وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ»۶ ، فمن قال ۷ من المخالفين : الأظهر أنّ النهي فيه مخصوص بالتفرّق في الاُصول دون الفروع ؛ لقوله عليه السلام : «اختلاف اُمّتي رحمة» ، ولقوله عليه السلام : «مَنْ اجتهد فأصاب فله أجران ، ومَن أخطأ فله أجر واحد» . ۸
1.الشورى (۴۲) : ۲۱ .
2.يونس (۱۰) : ۹۳ ـ ۹۴ .
3.الكافي ، ج ۸ ، ص ۱۲۱ ، ح ۹۳ .
4.آل عمران (۳) : ۱۹ .
5.آل عمران (۳) : ۸۵ ـ ۸۶ .
6.آل عمران (۳) : ۱۰۵ .
7.هو البيضاوي في تفسير سورة آل عمران .
8.تفسير البيضاوي ، ج ۲ ، ص ۷۶ .