(يَا هِشَامُ، إِنَّ الْعَاقِلَ ، الَّذِي لَا يَشْغَلُ) ؛ بصيغة المضارع المعلوم من باب منع ، ويحتمل باب الإفعال ، والشغل ـ بالضمّ وبضمّتين ، وبالفتح وبفتحتين ـ : ضدّ الفراغ ـ وبالفتح ، وبالضمّ ـ : مصدر شغله كـ «منعه» إذا جعله غير فارغ .
(الْحَلالُ شُكْرَهُ) . فيه مجاز في التعلّق بالمفعول به ، والمقصود أنّه لا يكسب الحلال إلّا بقدر ما لا يشغله عن أداء ما أوجب اللّه عليه شكرا لنعمِهِ تعالى ، كما في سورة النور : «رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْما تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ»۱ .
(وَلَا يَغْلِبُ) ؛ كيضرب . (الْحَرَامُ صَبْرَهُ) أي لا يكسب الحرام ويصبر عنه خوف يومٍ تتقلّب فيه القلوب والأبصار .
(يَا هِشَامُ ، مَنْ سَلَّطَ ثَلَاثا عَلَى ثَلَاثٍ ، فَكَأنَّمَا أَعَانَ) أي أعان هواه .
(عَلَى هَدْمِ عَقْلِهِ : مَنْ أَظْلَمَ) . استئناف بياني ، و«أظلم» يجيء كأضاء لازما ومتعدّيا ، والمراد هنا المتعدّي من ظَلِم الليل كعلم .
(نُورَ تَفَكُّرِهِ) أي تفكّره الذي هو كالنور في أنّه يتأتّى به الوصول إلى المطلوب ، فهو من قبيل لُجين ۲ الماء ، أو كون تفكّره بحيث يتأتّى به الوصول إلى المطلوب ؛ فالإضافة لاميّة ، وإظلامه إيّاه مجاز في النسبة .
(بِطُولِ أَمَلِهِ) أي سلّط طول الأمل على نور تفكّره ؛ فإنّ طول الأمل يمحو نور التفكّر .
(وَمَحَا طَرَائِفَ حِكْمَتِهِ) . جمع «طريف» : الحسن الغريب ، أي الكلمات البديعة المشتملة على الحكمة .
(بِفُضُولِ كَلَامِهِ) ؛ فإنّ كثرة الكلام يوجب أن لا يصدر عن الإنسان طرائف الحكمة ، ويصير جميع الكلام لَغطا ۳ .