231
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(اللّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ ، وَمَا تَمَّ) أي ما قوي .
(عَقْلُ امْرِئ حَتّى يَكُونَ فِيهِ خِصَالٌ شَتّى) . جمع «شتيت» أي متفرّقة .
(الْكُفْرُ وَالشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونَانِ) أي الناس في أمنٍ من أن يكفر نعمة عليه ، ومن أن يضرّ أحدا .
(وَالرُّشْدُ وَالْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولَانِ) . الرشد بالضمّ خلاف الغيّ ، والمراد هنا شكر النعمة ، أي الناس يرجون منه أن يشكر نعمتهم عليه ، وأن ينفعهم إذا احتاجوا إليه .
(وَفَضْلُ مَالِهِ) أي الزائد على نفقته ونفقة عياله على سبيل الاقتصاد من ماله .
(مَبْذُولٌ) في سبيل اللّه .
(وَفَضْلُ قَوْلِهِ) أي الزائد على ما يحتاج إليه في الأغراض اللازمة من كلامه .
(مَكْفُوفٌ) . فيه حذف وإيصال ، أي مكفوف عنه من كفَّ عن الشيء من باب نصر ، أي امتنع منه . ويحتمل أن يكون من كففته عن الشيء ، أي دفعته وصرفته عنه ؛ فهو متعدّ ولا حذف .
(وَنَصِيبُهُ) ؛ بفتح النون ، أي حظّه وحِصّته . والمراد ما يصرفه في نفسه من النفقة .
(مِنَ الدُّنْيَا الْقُوتُ) ؛ بالضمّ : ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام ، أي لا يأكل كلّ الشبع .
(لَا يَشْبَعُ) ؛ كيعلم .
(مِنَ الْعِلْمِ دَهْرَهُ) ؛ بالنصب ، أي حريص على طلب العلم بما يعينه في كلّ دهره ، فلا ينافي ما سيجيء في أوّل ۱ «باب المستأكل بعلمه والمباهي به» من ذمّ منهوم العلم .
(الذُّلُّ أَحَبُّ إِلَيْهِ مَعَ اللّهِ مِنَ الْعِزِّ مَعَ غَيْرِهِ) . المراد بالذلّ والعزّ ما في ظاهر الدنيا ، فلا ينافي قوله تعالى : «وَللّهِِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ»۲ .
(وَالتَّوَاضُعُ) : تكلّف الضعة ، أي دناءة الحال بالنسبة إلى من ليس بوضيع بالنسبة إليه ، بل شريف . والمراد أن يعاشر الناس كالوضيع بالنسبة إليهم لا ما يوجب الكذب .

1.في «أ، د»: + «الخامس عشر».

2.المنافقون (۶۳) : ۸ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
230

والضمائر الأربعة لـ «من» ، والقول عبارة عن الفتوى والقضاء ، والفعل ـ بكسر الفاء أو فتحها وسكون المهملة ـ عبارة عن القدر المشترك بين العقل والجهل حين إرادة كسب العلم ، فإنّ كلّاً منهما من أفعال النفس ، وتصديق قوله لفعله عبارة عن دلالة قوله على أنّ فعله سديد ، أي عقل لا جهل ، وهو بأن يكون قوله مختصّا بما يعلم ويكون ساكتا فيما لا يعلم ، وسرّه عبارة عمّا يصدر عنه في الخلوة من الأقوال والأفعال ، نظير قوله : «وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ»۱ . وعلانيته عبارة عمّا يصدر عنه بمحضر من الملأ .
(لِأَنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ اسْمُهُ ـ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْبَاطِنِ الْخَفِيِّ مِنَ الْعَقْلِ إِلَا بِظَاهِرٍ مِنْهُ وَنَاطِقٍ عَنْهُ) . استدلالٌ على قوله : «ولا يكون أحد كذلك» إلى آخره . يقال : دلَلْتهُ على كذا ـ كنصرته ـ : إذا هديته إليه . والباطن من بطن ـ كـنصر ـ أي خفي . وأكّد الباطن بالخفيّ للدلالة على أنّ الباطن هنا باطن جدّا . و«من» لبيان الباطن الخفيّ . والمراد بـ «العقل» العقل عن اللّه ، و«إلّا» للاستثناء المفرّغ أو المنقطع ، وضمير «منه» و«عنه» راجع إلى «من» .
والمقصود أنّه ليس لغير المتوسّمين سبيل إلى معرفة عقل أحد وأنّه من الغيب ، فيوضع الظنّ هنا مقام العلم ، كما في سائر محالّ الحكم ، كتعيين القبلة ، وقيم المتلفات ، ومقادير الجراحات الموجبة للديات ، وعليه قوله تعالى في سورة الممتحنة : «فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ» . ۲
ولا ينافي ذلك أنّه لا يجوز وضع الظنّ مقام العلم في نفس أحكامه تعالى ، ويجيء ما يناسب هذا في خامس الرابع عشر . ۳(يَا هِشَامُ) . هذا إلى آخره من النوع الخامس .
(كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام يَقُولُ : مَا عُبِدَ) ؛ بصيغة المجهول من المجرّد ، أو معلوم من باب التفعيل .

1.الممتحنة (۶۰) : ۱۰ .

2.البقرة (۲) : ۱۴ .

3.أي الحديث ۵ من باب النهي عن القول بغير علم .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 122932
صفحه از 602
پرینت  ارسال به