239
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

بخلاف مَن على يمينه أو يساره ، فلفظة «عن» موضوعة للبُعد والمجاوزة ، وهي أنسب بالخارج عن طريقه ، ولفظة «من» موضوعة لمحض الابتداء ، فهي أنسب بمن يصل إليه ، وهو مَن على طريقه وإن كان كلاهما هنا بمعنى «في». انتهى .
وقيل في قوله تعالى في سورة الأعراف : «ثُمَّ لَاتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ»۱ إنّما عدّي الفعل إلى الأوّلين بحرف الابتداء لأنّه منهما متوجّه إليهم ، وإلى الآخرين بحرف المجاوزة ؛ فإنّ الآتي منهما كالمنحرف عنهم المارّ على عرضهم ، ونظيره قولهم : جلست عن يمينه . ۲ انتهى .
وقيل ۳ :
«عن» قد تكون اسما بمعنى جانب ، وذلك متعيّن إذا دخل ۴ عليها «من» وهو كثير كقوله :

فلقد أراني للرماح دريئةًمن عَنْ يميني مرّة وأمامي
ويحتمله عندي ثُمَّ لأََتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـنِهِمْ وَعَن شَمَآئلِهِمْ. ۵ فتقدّر معطوفة على مجرور «من» ، لا على «من» ومجرورها ، و«من» الداخلةُ على «عن» زائدة عند ابن مالك ، ولابتداء الغاية عند غيره ، قالوا : فإذا قيل : قعدت عن يمينه ، فالمعنى في جانب يمينه ، وذلك محتمل للملاصقة ولخلافها ، فإن جئت بـ «من» تعيّن كون القعود ملاصقا لأوّل الناحية . ۶ انتهى .
الدريئة ـ بفتح الدال المهملة وكسر الراء المهملة وسكون الخاتمة والهمز وبشدّ الخاتمة بلا همز ـ : الحلقة التي يتعلّم عليها الطعن والرمي . ۷
والمراد بالعرش سلطنته تعالى على كلّ مخلوق ، ويمين العرش عبارة عن الماء

1.الأعراف (۷) : ۱۷ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۱۱ ؛ تفسير أبي السعود ، ج ۳ ، ص ۲۱۹ .

3.في حاشية «أ» : «القائل ابن هشام في مغني اللبيب (منه)» .

4.في «ج» : «ادخل» .

5.مغني اللبيب ؛ ج ۱ ، ص ۱۹۹ ؛ وفي طبعة اخرى ، ص ۱۴۹ .

6.معجم مقاييس اللغة ، ج ۲ ، ص ۲۷۳ (درى) .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
238

يستتبعها العقل ، واجتماعها في أحد يدلّ على كمال قوّة عقله ، وفقد بعضها يدلّ على ضعف العقل بقدر المفقود منها .
(قَالَ سَمَاعَةُ : فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، لَا نَعْرِفُ) ؛ بصيغة المتكلِّم مع الغير المعلوم من باب ضرب . (إِلَا مَا عَرَّفْتَنَا) ؛ بتشديد الراء .
(فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّوَجَلَّ ـ خَلَقَ الْعَقْلَ) . مضى في شرح أوّل الباب أنّ الخلق التقدير والتدبير ، وهو أعمّ من التكوين .
(وَهُوَ أَوَّلُ خَلْقٍ) أي أوّل مخلوق .
(مِنَ الرَّوْحَانِيِّينَ) ؛ بفتح الراء جمع «روحاني» بفتح الراء نسبةً إلى الروح بضمّ الراء بزيادة الألف والنون ، تقول لكلّ شيء له مكانة ونفاسة : «رَوحاني» بالفتح ، أي طيّب . وقيل : إنّ النسبة إلى الملائكة ، والجِنّ روحاني بضمّ الراء ، أي لطيف لا يبصر . ۱(عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ) . يستعمل من جملة ظروف المكان اليمين والشمال بـ «عن» ، والفوق والتحت والقدّام والخلف بمن كما في الدعاء : «اللّهُمَّ احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته» ۲ . فقيل : المفعول فيه عدّي إليه الفعل نحو تعديته إلى المفعول به ، فكما اختلفت حروف التعدية في ذلك اختلفت في هذا ، وكانت لغة تؤخذ ولا تقاس ، وإنّما يفتش عن صحّة موقعها فقط . ۳ انتهى .
وسألت أديبا ۴ عن ذلك ، فقال :
أصله أنّ السالك لطريق في سفره لا يخرج عن طريقه بالتقدّم والتأخّر والصعود على العقبات والنزول ، ويخرج عنه بالتيامن والتياسر ، وكذا من يرافقه ۵ أو يلاقيه ، فإنّ من هو بين يديه أو خلفه أو فوقه أو تحته سالك لطريقه غير خارج عنه ، وقد يصل إليه

1.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۶۷ ؛ لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۴۶۳ ؛ مجمع البحرين ، ج ۲ ، ص ۲۴۷ (روح) .

2.كمال الدين ، ج ۲ ، ص ۵۱۲ ، ح ۴۳ ؛ مصباح المتهجّد ، ص ۴۰۹ ؛ تفسير القمّي ، ج ۲ ، ص ۱۸۳ ؛ تأويل الآيات ، ص ۴۴۴ .

3.الكشاف للزمخشري ، ج ۲ ، ص ۷۱ ؛ تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي ، ج ۴ ، ص ۲۷۷ .

4.في حاشية «أ» : «هو الشيخ محمد ...» .

5.في «ج» : «يوافقه» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 122753
صفحه از 602
پرینت  ارسال به