261
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(وَاحْتَاجَ النَّاسُ إِلَى الطِّبِّ) ؛ أي فكان تعلّم الطبّ شائعا فيهم .
(فَأَتَاهُمْ مِنْ عِنْدِ اللّهِ۱بِمَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مِثْلُهُ ، وَبِمَا) ؛ مصدريّة .
(أَحْيَا لَهُمُ الْمَوْتى وَأَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِ اللّهِ۲) . المراد بالإحياء والإبراء هنا طلبهما من اللّه بحيث يترتّب المطلوب على الطلب ، وذلك لأنّهما فعل اللّه حقيقة ، وليس معنى الإذن هنا ما يأتي بيانه في «كتاب التوحيد» في «باب في أنّه لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلّا بسبعة» ۳ بل معناه الرخصة ورفع الحَظر .
(وَأَثْبَتَ بِهِ) أي بما لم يكن عندهم مثله (الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ) ؛ فإنّ من غلب عليه علم الطبّ عالم بأنّ ما أتى به ليس من جنس الطبّ وخارق للعادة .
(وَإِنَّ اللّهَ۴بَعَثَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله فِي وَقْتٍ كَانَ الْغَالِبُ عَلى أَهْلِ عَصْرِهِ الْخُطَبَ وَالْكَلَامَ) ؛ وذلك أنّهم كانوا فرسان الخطب والكلام قد خُصّوا من ذرابة اللِّسان ۵ والبلاغة ما لم يؤتَ غيرهم من الاُمم ، وكان ذلك لهم طبعا وخِلقة كانوا يأتون على البديهة بالخطب العجيبة في المقامات الغريبة ، ويرتجزون بين الطعن والضرب ، ويمدحون ويقدحون ويرفعون ويضعون ، وخصّوا من الذكاء والفهم والعلم بظاهر من الحياة الدنيا بما لا يخفى على المتتبّع لكلامهم ، قد وصلوا في تبييتهم ۶ القول في نظم الاُمور ورعاية المصالح إلى ما لم يصل إليه أمثالهم ، لا شكّ أنّه كان البلاغة مِلك قيادهم ، والكلام طوع مرادهم .
(وَأَظُنُّهُ قَالَ : الشِّعْرَ) . هذا كلام السيّاري للاعتراض على نقل أبي يعقوب ، والضمير البارز في «أظنّه» والمستتر في «قال» راجع إلى الإمام عليه السلام . والشِعْر ـ بكسر المعجمة

1.في الكافي المطبوع : + «تعالى» .

2.عنوان الباب في الكافي المطبوع : «باب في أنّه لا يكون شى ء في السماء والأرض إلّا بسبعة» .

3.لسان ذرب ، أي فصيح . المصباح المنير ، ص ۲۰۷ (ذرب) .

4.أي في صياغة قولهم على شكل أشعار ، ويحتمل أن تكون : «تبيينهم» بالنون قبل الهاء .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
260

البليغ الغير المنظوم الصادر عن البشر الملقى إلى جماعة ؛ لجمعهم على أمرٍ مهمّ بالترغيب أو الترهيب . ۱
إن قلت : قد نقل من معجزاته صلى الله عليه و آله آلة السحر كالإسراء مع إخباره بالرفقة والعلامة التي في العير ، وكردّ الشمس ، وانشقاق القمر ، وتسبيح الحصى ، وحنين الجذع ، ومجيء الشجرة وشهادتها له بالنبوّة ، وتسليم الحجر عليه ، ونُبُوع الماء من بين أصابعه ، وإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل ، وشكاية الناقة ، وشهادة الشاة المشويّة ، وإظلال السحاب قبل مبعثهِ ، وما كان من حال أبي جهل وصخرته حين أراد أن يضربها على رأسه ، وما كان من شاة اُمّ معبد حين مسح يده على ضرعها ، ونحو ذلك ۲ ، فما وجه تخصيص الكلام والخُطب بالذكر؟
قلت : المراد معجز يبقى بقاءَ دينه متواترا ، أو أوّل معجزا ثبت به نبوّته ، وأنّه المتبادر من قولنا : بعث بكذا .
(فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام : إِنَّ اللّهَ لَمَّا بَعَثَ مُوسى عليه السلام كَانَ الْغَالِبُ عَلى أَهْلِ عَصْرِهِ السِّحْرَ ، فَأَتَاهُمْ مِنْ عِنْدِ اللّهِ بِمَا لَمْ يَكُنْ فِي وُسْعِهِمْ مِثْلُهُ ، وَمَا أَبْطَلَ بِهِ سِحْرَهُمْ) بإظهار أنّ السحر حيلة بأمرٍ خفيّ المأخذ ليس على ما يدّعيه الساحر من أنّه خارق عادةً ، أو كالمعجز ، كما يشعر به قوله تعالى : «مَا يَأْفِكُونَ»۳ .
(وَأَثْبَتَ بِهِ) أي بما آتاهم به (الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ) ؛ فإنّ من غلب عليه علم السحر عالم بأنّ ما أتى به ليس من جنس السحر ؛ إذ لا يمكن مثلاً أن يَلقَف العصا جميع السحر الذي أتى به كلّ سحّار عليم بحيلة من مجرى العادة .
(وَإِنَّ اللّهَ بَعَثَ عِيسى عليه السلام فِي وَقْتٍ قَدْ ظَهَرَتْ فِيهِ الزَّمَانَاتُ) ؛ بفتح الزاي ، أي الآفات والأمراض التي تبقى زمانا لا تزول . ۴

1.اُنظر: القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۶۳ (خطب) .

2.ذكر هذه المعاجز الشيخ الطوسي في الاقتصاد ، ص ۱۸۱ ؛ والمبسوط ، ج ۴ ، ص ۱۵۴ والطبرسى في اعلام الورى ، ج ۱ ، ص ۷۶ ؛ وابن حزم في المحلى ، ج ۱ ، ص ۳۶ ؛ وانظر: البداية والنهاية ، ج ۶ ، ص ۱۳۸ وما بعدها .

3.الأعراف (۷) : ۱۱۷ .

4.اُنظر: المصباح المنير ، ص ۲۵۶ (زمن) .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 122420
صفحه از 602
پرینت  ارسال به