265
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

الحسنة المذكورة . وقوله :
(تَعْرِفُ۱بِهِ الصَّادِقَ عَلَى اللّهِ فَنُصَدِّقُهُ۲، وَالْكَاذِبَ عَلَى اللّهِ فَنُكَذِّبُهُ۳) ؛ خطابٌ وجملة استئنافيّة بيانيّة ؛ يعني أنّه لا حاجة في معرفة الإمام إلى معجز جديد ، بل القرآن كاف في ذلك بالنسبة إلى العاقل ، فإنّ كلّ عاقل يعلم أنّ اللّه حرّم في القرآن الاختلاف بالظنّ ، والقولَ على اللّه بغير علم ، أي بالاجتهاد والرأي ، وذلك في آيات كثيرة خارجة عن العدّ والإحصاء ، قطعيّة الدلالة ، كما اُشير إليه فيما مضى في ثاني عشر الباب ، وأنّه تعالى جعل الحكم بغير إذن من اللّه وقبول في شرعه افتراءً على اللّه وكذبا عند اللّه ، وإن كان مطابقا لنفس الأمر ، كما في قوله تعالى في سورة يونس : «قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاما وَحَلَالاً قُلْ أَاللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ»۴ ، ونظيره قوله تعالى فى سورة النور : «فَإِذْ لَمْ يَأْتُواْ بِالشُّهَدَآءِ فَأُوْلَـئكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ»۵ وأنّه تعالى أمر الناس ۶ بأن يكونوا مع الصادقين ، كما في قوله تعالى في سورة التوبة : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ»۷ ، وجعل لازم الصدق أن يكون عن علم وبرهان ، كما في قوله : «قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ»۸ ، والعاقل يعرف ذلك بأدنى تأمّل في آيات اللّه ، ويجد الفرق بين من فتواه وحكمه عن اجتهاد وظنّ ومن ليس كذلك ، بل ليس أحد من الذين ادّعوا الإمامة وليسوا لها بأهل إلّا وقد أقرّ على نفسه بعدم العلم وإنّ أعلى ما ۹ ادّعى لنفسه الاجتهاد والظنّ ، وليس ذلك الإقرار إلّا خوفا من الافتضاح ؛ لأنّ

1.التوبة (۹) : ۱۱۹ .

2.في الكافي المطبوع : «يَعْرِف» .

3.في الكافي المطبوع : «فيصدّقه» .

4.في الكافي المطبوع : «فيكذّبه» .

5.يونس (۱۰) : ۵۹ .

6.النور (۲۴) : ۱۳ .

7.في «أ» : - «في سورة النور ـ إلى ـ أمر الناس» .

8.البقرة (۲) : ۱۱۱ .

9.في «ج» : «من» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
264

الرابع عشر : كونه تبيان كلّ شيء كما في سورة النحل ، ويجيء في سابع «باب الردّ إلى الكتاب والسنّة» أنّ هذا إنّما يظهر لنا إذا راجعنا في تفسيره إلى القيّم له من أهل البيت عليهم السلام ، والذي يظهر لنا منه بدون المراجعة إليهم جمعه لعلوم ومعارفَ إلهيّةً وغيرها لم يعهد العرب عامّة ولا محمّد صلى الله عليه و آله قبل نبوّته خاصّة بمعرفتها ، ولم يحط به أحد من علماء الاُمم من بيان الشرائع والتنبيه على طرق الحجج العقليّات ، والردّ على فرق الاُمم ببراهين قويّة ، وأدلّة بيّنة ، وأخبار الدار الآخرة وغيرها ، فهو قولٌ فصل ليس بالهزل أصلاً .
هذه أربعة عشر وجها ، وقد ذكروا غيرها أيضا .
وظاهر الحديث في قوله : «مواعظه» الوجه الأوّل ، وفي قوله : «وأحكامه» الوجه السادس ، ويحتمل الوجه الرابع عشر .
(مَا أَبْطَلَ بِهِ قَوْلَهُمْ) . كذا في النسخ ، والأنسب بالسابق «بما» بالباء للتعدية . ويحتمل أن يقرأ هنا «فآتاهم» من باب الإفعال ، أي ما كان كلامهم وخطبهم في مقابلته ركيكا جدّا خارجا من جنسه ، ويحتمل أن يُراد بقولهم إنكارهم نبوّته .
(وَأَثْبَتَ بِهِ الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ) ؛ فإنّ من غلب عليه علم البلاغة ومعرفة أساليب الخطب والكلام عالمٌ بأنّ القرآن ليس من جنس خطبهم وكلامهم .
(قَالَ : فَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ : تَاللّهِ) . التاء المثنّاة فوقُ : حرف قسم تستعمل في التعجّب .
(مَا رَأَيْتُ مِثْلَكَ قَطُّ ، فَمَا الْحُجَّةُ) أي للإمام في إثبات الإمامة .
(عَلَى الْخَلْقِ) أي على اُمّة نبيّنا صلى الله عليه و آله .
(الْيَوْمَ؟) أي بعد انقضاء الوحي ويوم لا يأتي أحد بمعجز جديد من عند اللّه على طبق دعواه ، أو يأتي لكن لا جهارا على رؤوس الأشهاد حتّى يعرفه كلّ أحد كما كان في عصر الأنبياء عليهم السلام .
(قَالَ : فَقَالَ عليه السلام : الْعَقْلُ) . خبر مبتدأ محذوف ، أي الحجّة العقل ، والمراد به رعاية الآداب الحسنة لتحصيل علم الدِّين والعمل به بقدر الوسع . ويحتمل أن يُراد به ما يقابل الجنون ؛ والمآل واحد . فإنّه مركوز في ذهن كلّ مكلّف وجوب رعاية الآداب

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 118750
صفحه از 602
پرینت  ارسال به