الحسنة المذكورة . وقوله :
(تَعْرِفُ۱بِهِ الصَّادِقَ عَلَى اللّهِ فَنُصَدِّقُهُ۲، وَالْكَاذِبَ عَلَى اللّهِ فَنُكَذِّبُهُ۳) ؛ خطابٌ وجملة استئنافيّة بيانيّة ؛ يعني أنّه لا حاجة في معرفة الإمام إلى معجز جديد ، بل القرآن كاف في ذلك بالنسبة إلى العاقل ، فإنّ كلّ عاقل يعلم أنّ اللّه حرّم في القرآن الاختلاف بالظنّ ، والقولَ على اللّه بغير علم ، أي بالاجتهاد والرأي ، وذلك في آيات كثيرة خارجة عن العدّ والإحصاء ، قطعيّة الدلالة ، كما اُشير إليه فيما مضى في ثاني عشر الباب ، وأنّه تعالى جعل الحكم بغير إذن من اللّه وقبول في شرعه افتراءً على اللّه وكذبا عند اللّه ، وإن كان مطابقا لنفس الأمر ، كما في قوله تعالى في سورة يونس : «قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاما وَحَلَالاً قُلْ أَاللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ»۴ ، ونظيره قوله تعالى فى سورة النور : «فَإِذْ لَمْ يَأْتُواْ بِالشُّهَدَآءِ فَأُوْلَـئكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ»۵ وأنّه تعالى أمر الناس ۶ بأن يكونوا مع الصادقين ، كما في قوله تعالى في سورة التوبة : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ»۷ ، وجعل لازم الصدق أن يكون عن علم وبرهان ، كما في قوله : «قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ»۸ ، والعاقل يعرف ذلك بأدنى تأمّل في آيات اللّه ، ويجد الفرق بين من فتواه وحكمه عن اجتهاد وظنّ ومن ليس كذلك ، بل ليس أحد من الذين ادّعوا الإمامة وليسوا لها بأهل إلّا وقد أقرّ على نفسه بعدم العلم وإنّ أعلى ما ۹ ادّعى لنفسه الاجتهاد والظنّ ، وليس ذلك الإقرار إلّا خوفا من الافتضاح ؛ لأنّ
1.التوبة (۹) : ۱۱۹ .
2.في الكافي المطبوع : «يَعْرِف» .
3.في الكافي المطبوع : «فيصدّقه» .
4.في الكافي المطبوع : «فيكذّبه» .
5.يونس (۱۰) : ۵۹ .
6.النور (۲۴) : ۱۳ .
7.في «أ» : - «في سورة النور ـ إلى ـ أمر الناس» .
8.البقرة (۲) : ۱۱۱ .
9.في «ج» : «من» .